استمالة القلوب، وكثرة الجمع، وحكى الأصحاب عن بعض متقدمي العلماء أنهم قالوا: يقدم أحسنهم، واختلفوا في معناه، منهم من قال: أحسنهم وَجْهاً، وجعلوا له اعتبارًا في التقديم، ومنهم من قال: المراد منه حسن الذكر بين النَّاس، والأول هو المذكور في الكتاب، ويجوز أن يعلم بالواو، ثم ليس في لفظ الكتاب ما يوجب تقديم حسن الوجه على نظافة الثوب ولا عكسه، وفي "التتمة": أنه تقدم النظافة، ثم حسن الصوت، ثم حسن الصورة (?).
قال الغزالي: وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ المَكَانِ فَالوَالِي أَوْلَى مِنَ المَالِكِ، وَالمَالِكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالمُكْتَرِي أَوْلَى مِنَ المُكْرَى، وَالمُعِيرُ أَوْلَى مِنَ المُسْتَعِيرِ (ح م)، وَالسَّيِّدُ أَوْلَى مِنَ العَبْدِ السَّاكِنِ.
قال الرافعي: ما ذكرنا من الأسباب المقدمة صفات في الشَّخْصِ، وقد يكون المتقدم باعتبار اقتضاء المكان التقديم، لا باعتبار صفة فيه، فالوالي في محل ولايته أولى من غيره وإن اختص ذلك الغير بالخصال التي سبقت، ووي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يُؤَمَّنَّ الرَّجُلُ الرجُلَ فِي سُلْطَانِهِ" (?) وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يصلي خلف الحَجَّاج، ويتقدم على الإمام الراتب في المسجد (?)، وكذلك يتقدم على مالك الدَّار ونحوها إذا اجتمعوا في موضع مملوك، ورضي المالك بإقامة الجماعة فيه؛ لأن تقدم غيره بحضرته لا يليق ببذل الطاعة، فإن أذن فلا بأس، ثم يراعى في الولاة تفاوت الدرجة، فالإمام الأعظم أولى من غيره، ثم الأعلى، فالأعلى من الولاة والحكام، وحكى القاضي ابن كج وأخرون؛ قولاً آخر، أن في المواضع المملوكة المالك أولى من الوالي، فليكن قوله: (أولى من المالك) معلمً بالواو، لذلك ولو اجتمع قوم في موضع مملوك وليس فيهم الوالي، فساكن الموضع بالاستحقاق أولى بالتقديم والتقدم من الأجانب، عن ذلك الموضع، فإن لم يكن أهلا للتقدم فهو أولى بالتَّقْدِيم، روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: "مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ يَؤُمَّهُمْ إِلاَّ صَاحِبُ البَيْتِ" (?)، ولا فرق بين أن يكون الساكن عبدًا أسكنه سيده فيه، أو حراً مالكاً كان أو مستعيراً، أو مستأجراً، ولو كانت