بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ" (?) ولما في إدراكها من الفضل صار أبو إسحاق المروزي إلى أن الساعي إلى الجماعة يسرع إذا خاف فواتها؛ لكن الصحيح عند الأكثرين أن لا يسرع بحال لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةَ فَلا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ" (?).

ثم بماذا يكون مدركًا للتكبيرة الأولى؟ فيه وجوه:

أظهرها: أن من شهد تكبيرة الإمام واشتغل عقيبها بعقد الصلاة كان مدركاً لفضيلة التكبيرة الأولى، وإلا لم يكن مدركاً لها؛ لأنه إذا أجرى التبكير في غيبته لم يسم مَدْرِكاً.

والثاني: أن تلك الفضيلة تدرك بإدراك الركوع الأول.

والثالث: أن إدراك الركوع لا يكفي، بل يشترط إدراك شيء من القيام أيضاً.

والرابع: إن شغله أمر دنيوي لم يكن بإدراك الركوع مدركاً للفضيلة، وإن منعه عذر واشتغال بأسباب الصلاة كالطهارة وغيرها كفاه إدراك الركوع.

قال الغزالي: وَمَهْمَا أَحَسَّ الإمَامُ بِدَاخِلٍ فَفِي اسْتِحْبَابِ الانْتِظَارِ لِيُدْرِكَ الدَّاخِلُ الرُّكُوعَ قَوْلاَنِ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُطَوِّلَ وَلاَ أَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَ دَاخِلٍ وَدَاخِلٍ.

قال الرافعي: مما يحتاج إلى معرفته في المسألة أن المستحب للإمام تخفيف الصلاة من غير ترك الأبعاض والهيئات، لما روي عن أنس -رضي الله عنه- قال: "مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَام قَطّ أَخَفَّ صَلاَةٍ وَلاَ أَتَمِّ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-" (?).

فإن رضي القوم بالتطويل، وكانوا منحصرين لا يدخل عليهم غيرهم فلا بأس حينئذ بالتطويل، ثم قال الأئمة: انتظار الإمام في الصلاة وتطويله بها يفرض على وجوه:

منها: أن يصلي في مسجد سوق، أو محله، فيطول الصلاة ليلحق قوم آخر وتكثر الجماعة، فهذا مكروه لما فيه من سقوط الخشوع، وشغل القلب، ومخالفة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ فَليُخَفِّفْ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015