تحصيل الحَقِّ لا بتعذر رفع الخصم، وقَضِيَّتُهُ أن يكون الغَائِبُ والمُتَوَارِي والمتعذر كالحاضر المقر؛ لإمْكَانِ تَحْصِيل الحَقِّ منهم، بإقامة البَيِّنَةِ عند القَاضِي. ولا بَأْسَ لو أعلم قوله: "فله أخذه" بالميم والأَلف؛ لما سَبَقَ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِنْ قُلْنَا: يَأْخُذُ فَيَرْفَعُهُ إلَى القَاضِي حَتَّى يَبِيعَ فِي حَقِّهِ بَعْدَ إِقَامَةِ البَيِّنَةِ عَلَى أنَّهُ يَسْتَحِقُّ المَالَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالبَيْعِ بِجِنْسِ حَقِّهِ، وَقِيلَ: بَلْ يَتَمَلَّكُ مِنَ العَيْنِ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ البَيْعِ وَالتَّمْلُّكِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَادِر إِلَى البَيْعِ حَتَّى نَقَصَتِ القِيمَةُ، فَهُوَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْفَر إِلاَّ بِمِتَاعٍ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ لَمْ يَضْمَنِ الزِّيَادَةَ وَإِنْ تَلِفَ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي حَقِّهِ فِي أَخْذِهِ حَتَّى لَوْ نَقَّب الجِدَارَ لِيَأْخُذَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَرْشُ النَّقْبِ، وَفيهِ وَجْهٌ أنَّهُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ، وَلَوْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ صِحَاحاً فَأَخَذَ المُنْكَسِرَةَ وَرَضِيَ بِهَا جَازَ، وَإِنْ كَانَ بالعَكْسِ لَمْ يَجُزْ إلاَّ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّنَانِيرِ وَيَشْتَرِيَ بِهَا جِنْسَ حَقِّهِ، وَلَوْ جَحَدَ مَنْ عَلَيْهِ الحَقُّ وَلَهُ عَلَى المُسْتَحقِّ مِثْلُهُ جَازَ لَهُ أَيْضَاً أَنْ يَجْحَدَ وَيَحْصُلَ التَّقَاصُّ لِلضَّرُورَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مهما جَازَ للمستحق أن يَأْخُذَ مَالَ مَنْ عليه، فلو لم يَصِلْ إلى المال إلا بِكَسْرِ الباب، وثُقب الجِدَارِ، مُكِّنَ مِنه، ليصل إلى حَقِّهِ، ولا يضمن ما فَوَّتَهُ، كمن لم يَقْدِرُ على دَفْعِ الصَّائِلِ إلا بإتلاف (?) ماله، فَأتْلَفَهُ لا يَضْمَنُ.

ونقل بَعْضُهُمْ وَجْهاً: أنه يَضْمَنُ، ثم إذا كان المَأْخُوذُ من جِنْسِ الحق، فله تَمَلُّكُهُ (?)، وإن لم يكن من جِنْسِهِ، لم يكن له التَّمَلُّكُ.

وحكى الإِمام وَجْهاً: أنه يَتَمَلَّكُ منه بقَدْرِ حَقِّهِ، ويَسْتَقِلُّ بِالمُعَاوَضَةِ، كما يستقل بالتَّعْيِينِ عند أَخْذِ الجِنْسِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015