إحداها: في أن المستحقّ متى يَحْتَاح إلى المُرَافَعَةِ والدَّعْوَى، والحَقُّ إما عُقُوبَةٌ أو مَالٌ؛ إن كان عُقُوبَةً كالقِصَاصِ، وحَدِّ القَذْفِ، فَلاَ بُدَّ فيه من الرَّفْعِ إلى الحَاكِمِ، لعظم خَطَرِهِ، والاحتياط في [إثباته] (?) أَوَّلاً (?)، واسْتِيفَائِهِ على ما تَقْتَضِيهِ السِّيَاسَةُ من وجوه الناس ثانياً. وإن كان مَالاً، فهو إما عَيْنٌ، أو دَيْنٌ؛ إن كان عَيْناً، فإن قَدَرَ على اسْتِرْدَادِهَا من غير تَحْرِيكِ فتنة، اسْتَقَلَّ به، وإلا فَلاَ بُدَّ من الرَّفْعِ (?).

وأما الدَّيْن فإن كان مَنْ عليه مُقِرّاً غَيرَ مُمْتَنِعٍ من الأداء، فَيُطَالِبُهُ لِيُؤَدِّيَ، وليس له أن يَأْخُذَ شَيْئًا من مَالِهِ؛ لأن الخِيَارَ في تَعْيِينِ المال المَدْفُوعِ إلى مَنْ عليه، فإن خَالَفَ وَأَخَذَ شَيْئًا من مَالِهِ رَدَّهُ، فإن تَلِفَ عنده وَجَبَ ضَمَانُهُ، فإن اتَّفَقَا جاء خِلاَفُ التَّقَاصِّ، وإن لم يكن كذلك، فإمَّا أن يُمَكَّنَ من تحصيل الحَقِّ منه بالقَاضِي، أَوْ لا يُمَكَّنَ.

إن لم يمكن بأن كان مُنْكِراً ولا بَيِّنَةَ لصاحب الحَقِّ، فله أن يأخذ جِنْسَ حَقِّهِ من مَالِهِ، إن ظَفِرَ به، ولا يَأْخُذُ غَيْرَ الجِنْسِ، وهو ظَافِرٌ بالجنس.

وفي "التهذيب" وَجْهٌ: أنه يجوز، وإن لم يَجِدْ إلا غَيْرَ الجنس. حَكَى جَمَاعَةٌ من الأصحاب منهم الفَوْرَانِيُّ [والإمام] (?)، وصاحب الكتاب في جواز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015