والثاني: جميع القِيمَةِ؛ لأن المُؤَدَّى من كَسبِهِ، وكَسْبُهُ للسَّيِّدِ.

ولو شهدا: أنه أعْتَقَهُ على مَالٍ هو دون القِيمَةِ، فقد سَوَّى بينه وبين ما إذا شَهِدَا على أنه طَلَّقَهَا على أَلْفٍ، ومَهْرُ مِثْلِهَا ألفان. ويمكن أن يُفَرَّقَ؛ لأن العَبْدَ يُؤَدِّي من كَسْبِهِ، [وأنه للسيد] (?) والزَّوْجَة بخلافه.

ومنه إذا شَهِدَا على أنه وَقَفَ عَلَيَّ مَسْجِدٍ، أو جِهَةٍ عَامَّةٍ، ورجعا بعد القَضَاءِ، غُرِّمَا قِيمَتَهُ، ولم يُرَدَّ الوَقْفُ. وكذا لو شهدا على أنه جعل هذه الشَّاةَ ضَحِيَّةً. ويمكن أن يعلم قوْلُهُ في الكتاب: "وعليهم الغُرْمُ" بالحاء، والميم، والألف؛ لأنه أَطْلَقَ، وهم لا يُوجِبُونَ الغُرْمَ، إذا كان بعد الدُّخُولِ على ما تبين.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَى المَالِ رَجُلٌ وَامْرَأتانِ أَو عشْرٌ، فَنِصْفُ الغُرْمِ عَلَى المَرْأَةِ، وَنِصْفُهُ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَى رَضَاعٍ مُحَرَّم وعَشر نِسْوَةٍ، وَرَجَعُوا، فَعَلَى الرَّجُلِ سُدُسٌ، وَعَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ نِصْفُ سُدُسٍ، وَيُنَزَّلُ كُلُّ امْرَأتَيْنِ مَنْزِلَةَ رَجُلٍ؛ لِأَنَّ هَدا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ، فَلاَ يَتَوَقَّفُ شَطْرُهُ عَلَى الرَّجُل، وَلَوْ رَجَعُوا إلاَّ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ، فَالصَّحِيحُ أَنْ لاَ غُرْمَ لِقِيَامِ مَا يَسْتَقِلُّ بِكَوْنِهِ حُجَّةً، وَقِيلَ: يَجِبُ حِصَّتُهُم، وَلَوْ رَجَعُوا إلاَّ ثَلاَثَ نِسْوَةٍ، فَفِي وَجْهٍ تَجِبُ حِصَّتُهُمْ، وَعَلَى الصَّحِيحِ يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ الرَّاجِعِينَ رُبُعُ الغُرْمِ، إِذْ لَمْ يَبْطُل إلاَّ رُبُعُ الحُجَّةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذا الفصل والذي بَعْدَهُ، لا اخْتِصَاصَ له بهذا الطرف. ولو ذكر حكم الغُرْمِ في الأَطْرَافِ الثَّلاثةِ جَمِيعاً، ثم أتى بهذا الفَصْلِ، والذي بعده، كان أَحْسَنَ في النَّظْمِ.

والفِقْهُ: أن الرجوع المُغَرَّمَ؛ إما أن يفرض والمحكوم بشهادتهم على الحَدِّ المُعْتَبَر [في الباب، أو يفرض وهم أَكْثَرُ عَدَداً منه. فإن كانوا على الحَدِّ المُعْتَبَرِ] (?)، كما لو حكم في العِتْقِ، أو القَتْلِ بشهادة رَجُلَيْنِ، ثم رجعا، فعليهما الغُرْمُ بالسَّوِيَّةِ. وإن رَجَعَ أحدهما، فعليه النِّصْفُ.

وكذا لو رُجِمَ في الزِّنَا بشهادة أربعة، فإن رَجَعُوا جَمِيعاً، فعليهم الدِّيَةُ أَرْبَاعاً، وإن رجع بَعْضُهُمْ، فعليه حصته منها، وإن زَادُوا على الحَدِّ المُعْتَبَرِ، كما لو شهد بالعِتْقِ، أو القَتْلِ ثَلاثَةٌ، أو بالزِّنَا خمسة، فإن رجع الكُلُّ، فالغرم مُوَزَّعٌ عليهم بالسَّوِيَّة؛ وإن رجع البَعْضُ، فإما أن يثبت العدد المُعْتَبَرُ على الشهادة، أو لا يَثْبُتَ إلا بعضهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015