ولو كان النِّكَاحُ قد جرى على صُورَةِ التَّفْوِيضِ، وشهدا بالطلاق قبل الدخول، والفرض. وقضى القاضي بالطَّلاَقِ والمُتْعَةِ، ثم رَجَعَا، فالخلاف في أن الشَّاهِدَيْنِ يُغَرَّمَانِ مَهْرَ المِثْلِ، أو نِصفَهُ، كما في غير صورة التَّفْوِيضِ.

وعلى ما حُكِيَ عن القديم: أنهما يُغَرَّمَانِ المُتْعَةَ التي غَرِمَهَا الزَّوْجُ، وهو مذهب أبي حَنيفَةَ، وبه أجاب ابْنُ الحَدَّادِ.

قال الأَصحَابُ: وهو خَطَأٌ، إلا أن يريد التخريج على القَدِيمِ.

هذا كله فيما إذا شَهِدَا على الطَّلاَقِ البَائِنِ أما إذا شَهِدَا على طَلاَقٍ رَجْعِيٍّ، ثم رجعا، نُظِر: إن رَاجَعَهَا، فلا غرم (?)، إذا لم يَفُتْ عليه بشهادتهما شَيْءٌ، وإن لم يُرَاجِعْهَا حتى انْقَضَتِ العِدَّةُ، الْتَحَقَ بالطَّلاَقِ البَائِنِ، ووجب الغُرْمُ. هكذا ذكره صاحب "التهذيب". وحكى أبو الفَرَج السَّرَخْسِيُّ عن القاضي الحُسَيْنِ وَجْهاً: أنه لا غُرْمَ، إذا لم يراجع لتقصيره بِتَرْكِ التَّدَارُكِ، وأَطْلَقَ القاضي ابن كَجٍّ وجْهَيْنِ في أن الشَّهَادَةَ على الطَّلاَقِ الرَّجْعِيِّ، والرجوع عنها، هل يقتضي غُرْماً؟ ومَالَ إلى المَنْعِ، وحكاه عن ابن أبي هُرَيْرَةَ.

فرعان:

أحدهما: شَهِدَا بالطلاق، وقضى القاضي، ثم رَجَعَا، وقامت بَيِّنَةٌ على أنه كان بينها وبَيْنَهُ رضاع مُحَرِّمٌ، أو شُهِد له بأنه طَلَّقَهَا اليَوْمَ، ورَجَعَا، وقامت بَيِّنَةٌ على أنه طَلَّقَهَا ثَلاَثاً أمس، فلا شَيْءَ على الراجعين؛ لأنا بَيَّنَّا: أن شهادتهما لم تُفَوِّتْ عليه شَيْئًا، ولو غُرِّمَا قبل تَمَامِ البَيِّنَةِ، استردا المَغْرُومَ.

الثاني: شهدا على امْرَأَةٍ: أنها زَوْجَةُ فلان بأَلْفٍ، وقضى القاضي بشهادتهما، ثم رَجَعَا، فالجَوَابُ في "التهذيب": أنه لا غُرْمَ عليهما.

وحكى ابن الصَّبَّاغ: أنه إن كان بعد الدُّخُولِ، غرِّمَا ما نَقَصَ عن مَهْرِ المِثْلِ، إذا كان الألف دُونَهُ، [قال] (?): وعلى هذا، لو كان قبل الدخول، ثم دَخَلَ بها، يَنْبَغِي أن يُغَرَّمَا ما نقص. وهذا ما أطلقه القاضي ابن كَجٍّ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015