يسكن هذا بعض الدار، وهذا بعضها من غير أن تُقَسّم الأرض، وامتنع الآخر فلا يُجْبَرُ الممتنع عليه، كان لم تكنِ العيْنُ قابلةً للقسمة كالقناة، والحمَّام، والعبد، والبهيمة، فإن اتفق الشريكانِ في منافَعَها على المهايأة، فذاك، وقد يتفقان على من البداية، وقد يتنازعانِ، فتَحْكُمُ القرعة، وإن طلبها أحدُهُما، وامتنع الآخر، فوجهان: أحدهُما، ويُحْكَى عن ابْنِ سُرَيْجٍ: أنه يجبر الممتنعُ كما في قسمة الأعيان، ولئلا يُعَطَّل الشريك على الشريك المال بحاجاً، وعَلَى هذا، فالحكْمُ فيمَنْ يبدأ به القُرْعة، ويجوز أن يكون الحكْمُ في قدرْ النَّوْبة كذلك.

وأصحُّهُما: وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يُجْبَرُ؛ لأن بالمهايأة، يُعَجَّل حقُّ أحدهما، ويتأخَّر حقَّ الآخر بخلافِ قسْمة الأعيان، وأيضاً فالاشتمال في الأصْل يقتضي الاشْتِرَاك في المنفعة، وانفراد أحدهما بالمَنْفعة مع الاشتراك في الأصْل، لا يكون إلاَّ عَلَى سبيل المعاوَضَةِ، والمعاوَضَاتُ بعيدةٌ عن الإِجبار، د إذا رضينا بالمهأياة ثم رجَعِ المبتدئ بالانتفاع قبل استيفاء توبته، مُكِّن، فإنْ مضتْ مدَّةٌ لمثلها أجرةٌ، غُرِّمَ نصْف أجْرَةِ المثل، وإن رجع بعد استيفاء نوبته، فوجهان، إن قلْنا: لا إجبار على المهايأة، فيُمَكَّن، ويُغَرَّم نصف الأجرة، وإن قلْنا بالإِجبار، فلا يُمَكَّن ويستوفي الآخر نوبته، وإنِ استوفى الأول نوبته، وامتنع الآخر من أن ينتفع ويستوفي نويته، فإن قلْنا بالإجبار، فهو مضيعٌ حقَّ نفسه، ولا أُجرَةَ له، وإنْ قلنا: لا إجبار، فله ذلك، ويأخذ من الَأول نصف أجرة المثل، وكذا لو انهدَمَتِ الدار أو ماتَ العبْدُ بعْد نوبة الأوَّلِ، فللآخر عليه نصْفُ أجرة المثل، وإذا لم نقُلْ بالإجبار وأصرَّا على النزاع في المهايأة، فهل يبيع القاضِي عليهما؛ قطعاً للنزاع؟ فيه وجهان:

أصحُّهُمَا: وهو المذكورُ في الكتاب: أنه لا يبيع؛ لأنَّهما كاملانِ مطْلقا التصرف، لا حقَّ لغيرهما عليهما، وعلَى هذا؛ فما الذي يَفْعَل؟ ذكر في "الوسيط" أنه يتركهما إلى أن يصْطَلِحَا، وهذا يُشْعِر بأنه لا يؤجّر عليهما والذي أورده القاضي ابنُ كج وصاحبُ "التهذيب"؛ أنه يؤخِّره ويوزِّع الأجرة عليهما ولو استأجر اثنان أرضاً، فطلب أحدُهما المهايأة، وامتنع الآخَرُ، وجب أن يعُودَ الخلاف في الإِجبار، وإن أراد قسمتها، ففي فتاوى القاضي الحُسَيْن: أنها جائزةٌ على قول ابْنِ سُرَيْجٍ، ثم إذا اقتسما، وَحَدَثَ بنصيب أحدُهُما عيْبٌ؛، فله الفسخ، قال: وينبغي أن يُقَالَ لشريكه: الفسخ أيضاً، ولو طلب أحدُهُمَا هذه القسمة، وامتغ الآخر، هل يُجْبَرُ، جعله على وجهَيْن، وإذا جرتِ المهايأةُ في العبْد المُشْترك بين المالكين أو في العَبْد الذي بعْضُه حرٌّ بينه وبين مالك الباقِي، فالأَكساب، العامَّة والمؤن العامة تدْخُل في المهايأة، وفي الأكساب النادرة كما يقبله بالهِبَة والوَصِيَّة، والمؤن النادرة كأجرة الطبيب والفَصَّاد والحَجَّام خلاف ذكرناه في غَيْر موضع، والأظْهَرُ دخولُها أيضاً، وينبغِي أنْ يدخُلَ في الكسوة إلَى قدْر النوبة حتَّى يبقى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015