الوقْف للموقُوف عليه ثم قال إِن انقرض البَطْنُ الأول، وصار الوقفْ للثاني، انتقضت القسمة.
القاعدةُ الثانيةُ: قسمة الإجْبار لا يُعْتبر فيها الرضا، لا عند خروجِ القُرعْة ولا بعد خُروجها، ولو تراضَى الشركاء بقاسِم يَقْسِمُ بينهما، فهلْ يعتبر التراضِي بعْد خروج القرعة أم يكفي الرضا الأولُ؟ فيه قولان كالقولَيْن فيما إذا حكَّما رجلاً، فحكم بينهما والذي يميل إليه كلام المعتبرين: أنَّه يُعْتبر، وذَكروا أنه المنصُوص، وبه أجاب الشيخ أبو حامد فيما إذا اقْتَسَما، وفي قسْمة الردِّ لا بدّ من الرضَا بعْد خروج القُرْعةُ كما في الابتداء، وعن الإصطخرِّي وجْه: أنه يلزمُ بخُرُوج القُرْعة، وإذا اعتبرنا الرضا بعْد خروج القُرْعة، فصيغته أن يقولا: رَضينا بهذه القسمة، أو بما أخرجتْه القرعة، أو بما جَرَى، ولا يُشْتَرط لفظُ البيع وإن جعلْنا القسمة بيعاً، هذا هو الظاهرُ، وفيه وجهان آخران، بناءً على أن القسمة بيع.
أحدُهُما: أنه لا بدَّ من لفظ البَيْعِ أو التمليك.
والثاني: أنه لا يَكْفِي قولُهُما "رَضِينا بما جرى، أو بهذا" بل لا بدَّ من أن يتلفَّظ بالقسمة، بأن يقولا: "تقاسَمْنا أو رَضِينا بهذه القسْمة" ليؤدَّي معنى التمليك والتملك (?)، وهذا الثاني هو الذي أورده بقوله في الكتاب ولا يكفي مجرَّدُ قوله: "رَضِيتُ" ما لم يُقْل: "رضيتُ بالقسمة" إلى آخره.
وقوله من قبل "ويكفي قوله: رَضِيتُ بعد خروج القُرْعَة" هو الوجه الظاهر وبينهما مسألةٌ متخلِّلة، وقد يقتضي ظاهرُ نَظْم الكتاب الاكتفاءَ بالرضا بَعْد خروج القُرْعة، والاستغناء به عن الرِّضَا قبله، وهذا الظاهرُ غيْرُ معمول به، بل حَيْثُ يجبُ الرضا، فلا بدَّ منه في الابتداء، والخلافُ في أنه، هل يعتبر في الانتهاءِ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: فَرْعَانِ: الأَوَّلُ: القَنَاةُ وَالحَمَّامَ وَمَا لاَ يَقْبَلُ القِسْمَةَ تَجْرِي فِيهَا المُهَايَأَةُ وَلَكِنْ لاَ يُجْبَرُ (و) عَلَيْهَا وَلاَ تَلْزَمُ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ فِي الحَالِ أَمْ يَصْبِرُ إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِي نَوْبَتَهُ ثُمَّ يَرْجَعِ فِيهِ وَجْهَانِ، فَإن جَوَّرْنَا غُرِّمَ قِيمَةَ مَا استوفْاهُ، وَلَوْ تَنَازَعَ الشُّرَكاء وَأَصَرُّوا تَرَكْنَاهُم وَلَمْ نَبعْ عَلَيْهِمُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: كما أن الأعيان تُقَسَّم، فالمنافعُ تقسَّم، وطريقُ قسمتها المهايأَةُ مُيَاوَمَةً أو مُشَاهَرَةً، أو مُسَانَهَةً، فإن كانتِ العَيْنُ قابلةً للقِسْمة، فلا إجبار فيها على المهايأَة بها بحالٍ، وكذا لو طلَبَ أحدُهما أن يَزْرَع هذا بعْضَ الأرض، وهذا بعْضَها أو