وإن عُقِلَتْ فوجهان، خرجهما ابن القاصِّ، الأصح المنع أيضاً، ولا يُقلَّد الأصمُّ الذي لا يسمع أصلاً، وإن كان يسمع إذا صيح به، فيجوز تقليده.
ومنها: الكفاية (?)، فلا يجوز قضاء المُغفَّل، والذي اختل رأْيُه ونظره بكبرٍ ومرضٍ ونحوهما.
ويُستَحَبُّ أن يكون القاضِي مع الصفات المشروطَة وافرَ العَقْل حليماً متثبتاً ذا فِطْنَةٍ وتيقظٍ كاملَ الحواسِّ والأعضاءِ عالماً بلغة الدين يَقْضِي بينهم. بريئاً من الشحْنَاء بعيداً عن المطمع صَدُوقَ اللهجة، ذا رأيٍ ووفاءٍ وسكينةٍ ووقارٍ وألاَّ يكون جَبَّاراً تهابه الخصوم، فلا يتمكنون من استيفاء الحجة، ولا ضعيفاً يستَخِفُّون به، ويطمعون في جنبه والأولى أن يكون قُرَشياً، ورعاية العلم والتقى. أولَى من رعالة النَّسَب.
إذا عُرِف ذلك، فلو أن الإِمام عَرَفَ فيمن يولِّيه الصفاتِ المشروطةَ، نذاك، وإلا، بَحَث عن حاله، واختبره، كما اختبر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- معاذاً -رضي الله عنه-.
ولو ولَّى مَنْ لَمْ يجتمعْ فيه الصفاتُ عَلَى عِلْمِ حالِهِ، توجَّه الجَرْح على المُوَلِّي والمُوَلَّى، ولم يَنْفُذْ قضاؤه بصواب ولا خطأ، هذا هو الأصل في الباب.
قال في "الْوَسِيط": لكنَّ اجتماعَ هذه الشروط متعذِّرٌ في عَصْرِنا؛ لخلُوِّ الْعَصْر عنِ المجْتَهد المستقل فالوجْه تنفيذُ قضاء كلِّ من ولاه سلطانٌ ذو شوكة، وإن كان جاهلاً أو فاسقاً؛ كيلا تتعطل مصالح الناس ويؤيده أنا ننفذ قضاء قاضي أهل البغي لمثل هذه الضرورة، وهذا حسن.
ولكن في بعض الشروح أن قاضي أهل البغْي، إن كان منهم، نُظِر، إن كان بغيهم لا يوجب الفسق؛ كبغي معاوية -رضي الله عنه- جاز قضاؤه، وإن أوجب الفسق، كبغي أهل النهروان، لم يجز (?)، وذُكِرَ أن القاضي العادل، إذا استقضاه أمير باغ، أجابه إليه، فقد سُئِلتْ عائشة -رضي الله عنها- عن ذلك لمن استقضاه زياد، فقالت: إن لم