يُشاهَد حالُه، وتواتُر السنة لا يكاد يوجَدُ إلاَّ في جماعة معْدُودين (?).

ومنها: اجتماع هذه العلوم، إنما يشترط في المجتهد المُطْلَق الذي يفتي في جميع أبواب الشَّرْع.

وَيَجُوزُ أن يكون للعالم منْصِبُ الاجتهاد في باب دون باب، فالناظر في مسألة المشتركة يكفيه معرفة أصول الفرائض، ولا يضرُّه ألا يعرف الأخبار الواردة في تحريم المسكر مثلاً، وعدَّ الأصحاب من شروط الاجتهاد معرفة أصول الاعتقاد، قال المصنِّف: وعندي يكفي اعتقاد جازم، ولا يشترط معرفتها على طرق المتكلمين والأدلة التي يحررونها؛ لأن الصحابة -رضي الله عنهم- ما كانوا يُحْسِنُون تلْك الصناعة.

والصفة الرابعة: أن يكون بصيراً، فلا يجوز التفويض إلى الأعْمَى؛ لأنه لا يعرف الخصوم والشهود، وعن مالك -رحمه الله- تجويزه وفي "جمع الجوامع" للقاضي الرُّويانيِّ وجهٌ يوافقه.

والخامسة: العدالة، فإنَّ الفاسقَ لا يصلح للشَّهادة، فللقضاء أولَى.

والسادسة: البلوغ، فالصبيُّ لا ينفذ قوله على نفسه، فعلَى غيره أولَى، وهل يجوز أن يكون القاضي أمِّيّاً، فيه وجهان:

أحدهما: لا، للحاجة إلى مطالعة الحُجَجِ وإثباتها.

وأصحهما: نعم؛ لأن النبوة التي هي أصْل القضاء لا يُشْتَرَط فيها معرفة الخَطِّ.

هذه هي الصفات المذكورة في الكتاب.

ويُشْتَرَط وراءها صفات أُخَرٌ.

منها: الإسْلام، فلا يجوز تقليد الكافرِ القضاءَ لا على المسلمين ولا على الكفار، قال أقضْىَ القُضَاة الماوَرْدِيّ: وما جرت به عادةُ الولاةِ من نَصْب حاكمٍ بين أهل الذِّمَّة، فهو تقليدُ سياسة (?) وزعامة لا تقليد حكم وقضاء، وإنَّما يلزمهم حكمه بالتزامهم لا للزومه، وحُكِيَ عن أبي حنيفة أنه يجوز تقليد الكافر للقضاء بين أهْلِ دِينه.

ومنها: أنْ يكونَ ناطقاً سميعاً، فلا يجوز تقليدُ الأخرس الذي لا تُعْقَل إشارته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015