في أنه، لو نذر إتيان سائر المساجد، لم يلزمْه، وفي مثله في الاعتكافِ خلافٌ ذكرناه هنالك.

المسألة الثانية: إذا نَذَر الصلاةَ في موْضِعٍ معيَّن، لزمته الصلاةُ لا محالَةَ، ثم يُنْظَرَ، إن عَيَّنَ المسجد الحرام، تعيَّن للصلاة الملتزمة، لعظم فضله، وتعلُّق النسك به، وإن عيَّن مسجد المدينة أو المسجد الأقصَى؛ ففيه طريقان؛ قال الأكثرون: في التعيين القولان المذكوران في لزوم الإِتيان.

والثاني: ونسبه الإِمام إلى المراوزة -رحمهم الله-: القطع بالتعيين؛ لأنه التزم قربة، وضم إليها مزيد فضيلة، ولا يبعد أنْ يُرجَّعَ التعيين هاهنا إن ثبت الخلافُ كما في الاعتكاف، وبترجيحهُ يُشْعِر نظم الكتاب، وإن عيَّن سائر المساجد والمواضع لم يتعيَّن، وإن عيَّن مسْجد المدينة أو المسجد الأقصَى للصلاة، وقلْنا: بالتعيين فصلَّى في المسجد الحرام، خرج عن نذره على الأصح، بخلاف العكس، وفيه احتمالٌ للإمام، وهل تقوم الصلاة في أحدهما مَقَامَ الصَّلاة في الآخر؟ فيه وجهانِ (?)؛ لاستوائِهِمَا في التعديل المذكور في الحديث.

وذكر الإِمامُ؛ أنه لو قال: أصلِّي في مسجد المدينة، فصلَّى ألف صلاة في غيْره، لم يخرُجْ عن النذر، كما لو نذر ألْفَ صلاة، لا يخرج عن النذر بصلاة في مسْجِدِ المدينة، وأنَّ شيخه كان يقول: لو نَذَرَ صلاةً في الكعبة، فصلى في أطراف المسْجِدِ الحرام، خرج عن النذر وأن الزيادة التي رُوِيَتْ في الحديث السابق؛ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَصَلاةٌ في الْكَعْبَةِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلاَةٍ في الْمَسْجِدِ الحَرَامِ" (?) لم يصححها الإِثبات به والعلم عند الله.

ونعود إلى ما تعلَّق بلفظ الكتاب، قوله "فإذا نذر إتيان مسجد، لم يلزمْهُ إلاَّ المسجد الحرام" يجوز أن يعلم بالحاء؛ لما مرَّ أن عند أبي حنيفة، لا يلزم شيْءٌ إلا بلفظ المشي.

وقوله "ومسجد المدينة، ومسجد إيلياء، فيهما قولان" وفي بعض النسخ: "وفي مسجد المدينة، ومسجد إيلياء قولان" وهما صحيحان وعلى التقديرَيْن؛ فليس ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015