فيها، ونذر غسل الرجل واستيعاب الرأس بالمسح في الوضوء أو التثليث في الغسل والوضوء، أو أن يسجد للتلاوة في الشكر عندما يقتضي السجود، وذكر الإِمام على مساق الوجْهِ الأوَّل؛ أنه إذا نذر المريضُ أن يقوم في الصلاة ويتكلَّف المشقة، لم يلزمه الوفاء، وأنه لو نذر صوماً، وشرط ألا يفطر بالمرض، لم يلزمه الوفاء؛ لأن الواجب بالنذر لا يزيد على الواجب شرعاً والمرض مرخص فيه.
والثالث: القربات التي لم توضَع؛ لتكون عبادةً، وإنما هي أعمالٌ وأخلاقٌ مستحسنةٌ رغب الشرعُ فيها لعموم فائدتها، وقد يُبْتَغَى بها وجهُ اللهِ تعالَى، فينالُ الثواب كعيادة المرضى وزيارة القادمين وإفشاء السلام على المسلمين، ففي لزومها بالنذر وجهان:
أحدهما: المنع؛ لأنها ليست على أوضاع العبادات.
وأظهُرهما: اللزوم؛ لأن الشارع يرغب فيها، والعبد يتقرَّب بها، فهي كالعبادات، ولو نذر تجديد الوضوء، فوجهان:
أحدُهِما: وبه قال الشيخ أبو محمد: أنه لا يلزم؛ لأن الوضوء ليس عبادةً مقصودةً، وإنما يُرْفَعُ به الحدث، ولا يجب من غير حَدَثٍ.
وأظهرُهما: أنه يلزم؛ لأنه عبادةٌ يثاب عليها، كسائر العبادات، وفي "التتمة": أنه لو نذر الاغتسال لكل صلاة، لزم الوفاء به، وليس هذا على أن تجديد الغُسْل، هل يستحب، وأنه لو نذر الوضوء ينعقد نذره، ولا يخرج عن النذر بالوضوء عن الحدث بل بالتجديد (?)، وأنه، لو نذر أن يتوضأ لكلِّ صلاة، يلزمه الوفاء، لكن إذا كان محدثاً، فتوضأ لصلاة، لا يلزمه أن يتوضأ لها ثانياً، وأنه إذا نذر أن يَتَيمَّم، فالمذهب أنه لا ينعقد نذره؛ لأن التيمّم يُؤْتَى به عند الضرورة، وأنه إذا نذر ألاَّ يهرب من ثلاثة من الكفار فصاعداً، فإن علم من نفسه أنه يقدر على مقاومتهم، انعقد نَذْرُهُ وإلا فلا، وفي كلام الإِمام: أنه لا يلزم بالنذر انكفافٌ قطُّ حتى لو نذر ألاَّ يفعل مكروهاً، لم يلزمه الوفاء بالنذر، واللهُ أعلم.
ولو نذر أن يُحْرِمَ بالحج في شوالٍ، فهو على الخلاف الذي سبق، والأظهر، وهو اختيارُ صاحِب "التهذيب" أنه يلزم، وكذا لو نذر أن يحرم من بلد كذا، ورتَّب مرتِّبون صور هذا الَنوع والذي قبله علَى وجه آخر، فقالوا: إن كانت القربة مما يجب