وهي لا تعلم أنه أذن، وينبغي أن تشهد على الإِذن، ليثبته عند التنازع، وإذا لم تكن بينة، فهي المصدَّقة بيمينها في إِنكار الإِذْنِ.

وفي كتاب القاضي ابن كج: أن المصدَّق الزوج، كما لو أنكر أصل التعليق، ثم قال الشَّافعيُّ -رضي الله عنه-: "الوَرَعُ أن يُحْنِثَ نَفْسَهُ، وإن لم يَحْنَثُ" وليس معناه أن يعدها مطلقةً، من غير أن يطلقها؛ لأنا حكمنا بأنها زوجته فكيف يتركها تنكح غيره؟ ولكن إنْ علق الطلاق الثلاث، فالورع أن يطلَّقها ثلاثًا؛ وإن كان المعلَّق طلقة رجعية، وأراد إمساكها، راجعها، وإلا طلقها؛ لتحل للأزواج، فإن راجعها، ثم طلقها طلقتين، فالورع ألا ينكحها إلا بعد زوج آخر، وإذا نكحها بعد زوج آخر تكون عنده بطلقة؛ فإن طلَّقها لم تحل إلا بعد زوج آخر؛ لأنه لم يقعْ عليها بالخروج شيءٌ، وقد طلقها بعد ذلك ثلاثًا، والزوج الثاني قبل استيفاء الطلقات لا أثر له.

الثانية: إذا حلف؛ لا يخرح فلانٌ بغير إذنه، أو إلا بإذنه، فخرج بغير إذنه، حَنِثَ، وإن خرج بإذنه، لم يَحْنَثْ، وعلى التقديرين تنحل اليمين حتى لو خرج بعد ذلك بإذن، أو بغير إِذن، لم يحنث، وكذا لو قال لزوجته: إن خرجت بغير إذْنِي، أو إلا بإذني، فأنتِ طالقٌ، فإن خرجت بغير إذْنه، طُلِّقَتْ وإن خرجت بالإِذن، لم تطلق، وتنحل اليمين على التقديرين وكذا الحكم لو قال إن خرجت حتى آذن لك أو إلى أن آذن لك، أو إلا أن آذَنَ لك، فأنتِ طالقٌ.

وعن أبي حنيفة: المساعدة في هذه الألفاظ الثلاثة، وقال فيما إذا قال: إن خرجت بغير إذني، أو إلا بإذْنِي، لا تنحل اليمين بخروجها بالإِذْن، حتى لو خرجت بعد ذلك، طُلِّقت؛ لأن المحلوف عليه الخروجُ بغير إذن، ولم يوجد، فلا تنحل اليمين كما إذا قال: إِنْ خرجْتِ لابسةً الحَرِيرَ، فأنتِ طالقٌ، فخرجتَ غيْر لابسة، لا تنحل اليمين حتى تطلَّق لو خرجت بَعْد ذلك لابسةً للحرير، وعن "المنهاج" للجُوَيْنِيِّ: أن هذا قولٌ للشافعيِّ -رضي الله عنه- ونقله بعضُهُمْ وجهًا للأصحاب، ويُرْوَى ذلك عن المُزَنِيِّ واختيار القفَّال -رحمهم الله- ولم يتعرَّضوا للفرق على ذلك القول أو الوجْه بين الألفاظ المذكورة على ما صار إليه أبو حنيفة، وقال أحمدُ: لا ينحل اليمين في شيء من هذه الصيغ، ووُجِّه ظاهرُ المذهَبِ بوجهين:

أحدهما: أن اليمين تعلقت بخرجةٍ واحدةٍ وهي الأولَى، وتلك الخرجة، إذا كانت بغير إذن توجب الحنث، فإذا كانت بإذْنٍ، حصل البر وارتفعت اليمين، يؤيده أنه قال: إن كان خرُوجكِ الأوَّلُ بغَيْر إذن، فأنتِ طالقٌ، فخرجت أولاً بإذنه ثم خرجت بغير إذن، لا يقع الطلاق.

والثاني: ذكر أبو الحَسَنِ العبَّاديّ؛ أن القاضي الحُسَيْن -رحمهما الله- قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015