براً أو حنثاً، ولحقتها كفارةٌ، فكان كلامُ الكتاب، دَائِرًا على ثلاثةِ أمورٍ؛ وهي اليمين والكفَّارة والحنث، عَقَدَ لكلِّ واحدٍ منْها بابًا وضمنها مقصود الكتاب.
الباب الأول في نفس اليمين، وللأئمة عباراتٌ في حقيقة (?) اليمين:
أحدُها: قال الإِمام: اليمينُ: تحقيق الشيء وتقريرُه بذكر الله تعالَى أو باسْم من أسمائه، أو بصفة من صفات ذاته نفيًا أو إثباتًا في الماضي وإقدامًا وإحجامًا في المستقبل، فقولُ الرجُل "والله، لا أدخلُ الدارَ" تقرر به نفْيُ الدخول، وقوله: "دَخَلْتُ" تقرر به الدخولُ.
وقوله: "والله، لأَدْخُلَنَّ" وقوله: "واللهِ، لا أدْخُلُ" تقرر به الإِقدام والإِحجام، وقد يعترض عليه من وجوه:
أحدُها: أن قولنا "الله" اسْمٌ من أسماء الله تعالى وقوله: "بذكر الله" يدخل في قوله "باسم من أسمائه".
والثاني: قوله "تحقيق الشيء وتقريره" يدخل فيه الماضي والمستقبل، فلا حاجة إلى ذكر الماضي والمستقبل بقوله: "نفيًا أو إثباتاً في الماضي" إلى آخره.
والثالث: إذا ذكر الماضي والمستقبل، فلا حاجة إلى يمين الماضي عن المستقبل بلفظتي النفي والإثبات في الماضي، والإقدام والاِحجام في المستقبل، بل كان بسبيل من الاقتصار على النَّفْي والإِثبات، في المَاضي والمستقبل جميعاً.
والرابع: الإقدام والإحجام يختصان بالأفعال الاختيارية، واليمينُ لا تختص بها مثْلُ أن يقول: والله، لا تَطْلُعُ الشمس غدًا، أو تطلع من المغرب.
والثانية: قال في الكتاب "وهي عبارة عن تحقيق ما يحتمل المخالفة بذكر اسم الله تعالَى أو صفته ماضيًا كان أو مستقبلاً إلا في معرض اللغو والمناشدة" ويرد عليه الوجه الثاني فإن قولَه "ما يحتمل المخالفة" يشمل الماضي والمستقبل، وأيضاً، فقوله: "في معرض اللغو والمناشدة" لا حاجةَ إليه، أمَّا اللغو: فلأنه يشبه أن يُقَال: لغو اليمين يمينٌ، لكن لا تتعلَّق به الكفَّارة، ويدل عليه قولُه تعالى: {بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] أثبت اليمين مع اللَّغْو، وأما المناشدة فلا تُحقَّق المناشدة بذكر اسم اللهِ تعالَى، وإنما يسأل من غير التحقيق، فيخرج بقوله "تحقيق ما يحتمل المخالفة" صورة المناشدة.
والثالثة: قال صاحبُ "التهذيب": "اليمين هي تحقيق الأمر أو توكيدُه بذكر اسم من أسماء الله تعالَى أو صفة من صفاته" وهذا سليم عن الوجوه السابقة، لكن يشبه أن