يخلِّي الفوق (?) في النزع عن الوتر، فيتولَّد منه انكسار السهم، وإن كان بسبب ضعف الآلة أو غيره لا من جهة تقصيره وإساءته، فهو كما لو عرضت بهيمة ونحوها، فلا يحسب الرمية عليه، وكذلك لو حدثت في يده علة أو ريح أخلَّت بالرمي، وحَكَى الإِمامُ وجهاً أن السهم عند هذه العوارض، إن وقع قريباً من الغرض، حسبت الرمية عليه؛ لأنه وقع في حدِّ غيره بعيداً عن الإِصابة، وكأنّ النكبة لم تؤثِّر، ونُسِبَ هذا إلى أبي إسحاق وخَصَّص الأكثرون هذا الوجْه بما إذا وقع السهم مجاوزاً للغرض، وجعلوا المجاوزة مُشْعِرة بأن النْكبَة لم تؤثِّر، وسبب المجاوزة إساءة الرمي، وأجابوا عنه بأن الإِخلال يُؤثِّر في التقصير تارةً، وفي الإسراف أخرَى، فإن قلنا: بالاحتساب عليه، فلا شَكَّ أنه، لو أصاب، يحسب له السهم، وإن قلْنا: لا يُحْسب عليه، وهو الظاهر المنصوص والمذكور في الكتاب، فلو أصاب، هل يُحسب له؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، كما لا يُحسب عليه، ولأن الإِصابة مع انكسار الآلة قد تعد اتفاقية.

وأصحُّهُما: نعم؛ لأن الإصابة مع النكبة تدل على جودة الرمْيِ وقوته، ثم في كتاب القاضي ابنِ كج: أن الانقطعَ والانكسار إنما يؤثر حدوثهما قبل خروج السهم من القوس، إما بعده، فلا أثر له، وصوَّر في التهذيب انكسار السهْم (?) فيما إذا كان بعد خروجه من القوس، وجعل عُذراً، وإذا انكسر السهْمُ نصفين ولا تقصير منه، وأصاب أحد نصفيه الغرض إصابةً شديدةً، فعلى الوجهين في أن الإِصابةَ مع النكبة، هل تُحسَب له؟ إن قلْنا نعم، وهو الظاهر، فبأي النصفين الاعتداد؟ فيه وجهان:

أحدهما: أن الاعتدادَ بالنصف الذي فيه النصْل، فإن أصاب بالنصْل، حُسب له؛ لأن اشتداده مع الانكسار يدُلُّ على جودة الرمْي وغاية الحَذَق فيه، والنصف الذي فيه الفوق لا اعتداد به، كما إذا لم يكن انكسار.

والثاني: أن الاعتداد بالنصف الذي فيه الفوق، فإذا أصاب بمنقطعه حُسِبَ له ولا عبرة بالنصف الآخر: لأنه لم يبْقَ فيه تكامل الوتر واعتماده، والمقروع بالوتر هو النصف الذي فيه الفوق، والأول المنصوص، وبه أجاب العراقيون وأكثرُ الأصحابِ.

والثاني: الجواب في "التهذيب" ويوافقه إيراد صاحِب الكتاب في الذي فيه الفوق، لكن من جعل الاعتبار بما فيه الفوق، لا يعتد بالإِصابة بالنصف الذي فيه النَّصْل، وكان من حقه، إذا جعل الإِصابة بما فيه الفوق محسوبةً، أن يقول: وإن أصاب بالنصل من النصف الآخر، لم يُحْسَب؛ أما ذكر الوجهين في أحدهما دون الآخر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015