ولذلك لو رمى إلى إنسان، فأصابه كذلك يجب عليه القصاص.
والثاني: المنعُ؛ لأن السهْمَ، إذا احتك بالأرض، احتد، به فتكون الإصابة بمعاونة الصدمة، وربما انقطع أثر الرمي، وهذا أصَحُّ عند الإِمام أيضاً، ورجح أكثرُهم منهم العراقيون الأولَ، وإن ازدلف، ولم يصب الغرض، فهل يُحْسب عليه؟ فيه وجهان:
أظهَرُهُمَا: وبه أجاب الشيخُ أبو حامد نعم.
وقوله في الكتاب "لم يَسْتَحِقَّ في عادة الرماة" أراد به ما ذكره، الإِمام؛ أن الرمية في صورة الانصدام غير محسوبة عند الرماة، وإنما التردُّد عند الفقهاء، قال: ويمكن أن يُخَرَّج الخلافُ على أن العادة، هل تتبع؟ إن قلنا: نعم، فلا يعتد (?) به، وإن قلنا: لا، فالحاصِلُ يسمى إصابة، ويجوز أن يعلم قوله "خلاف" بالواو؛ لأن عن أبي إسحاق طريقةٌ أخرَى أنه يَنْظر في إصابته الأرضَ، فإن أعانته الصدمة وزادته حدةً من جهة مروره، فلا تحسب عليه، وإن ضعفته، ومع ذلك مَرَّ وأصاب، فَتُحْسَبُ، له ولا خلاف في المسألة.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّانِيَةُ: شَرْطُ الخَوَاسِقِ وَهِيَ الَّتِي تُخْرَقُ، فَإنْ خَرَقَ وَمَزَّقَ فَقَدْ زَادَ فَيَسْتَحِقَّ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ، وإِنْ خَرَقَ طَرَفَ الهَدَفِ وَحَصَلَ فِيهِ جَمِيعُ جِرْمِ النَّصْلِ اسْتَحَقَّ، وإِنْ حَصَلَ بَعْضُهُ فَوَجْهَانِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي ثُقْبَةٍ قَدِيمَةٍ وَثَبَتَ فَوَجْهَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا شرط الخَسْقَ، فأصاب السهم الغرَضَ وثقبه، وتعلَّق النصل به وثبت فهو خَسْقٌ، ولا يضر سقوطه بعد ما ثبت، كما لو نزعه غيره، وإن خدشه، ولم يثقبه، فليس هو بخاسق، وإن ثقبه، ولم يثبت ففيه قولان، ويقال: وجهان:
أظهرُهما: على ما ذكر ابن الصَّباغ والرويانيُّ: أنه ليس بخَاسق؛ لما مرَّ في تفسير الخسق؛ فإن الثبوت مأخوذٌ فيه.
والثاني: أنَّه خاسقٌ؛ لأنه ثقب ووجد ما يصلح لثبوت السهم فيه، والسقوط يحتمل أن يكون لسعة الثقب أو لثقل السهم أو غيرهما, ولو ثقب ومرق، قال في "المختصر": كان عندي خاسقاً، ومن الرماة من لا يحسبه خاسقاً، إذا لم يثبت فيه، وللأصحاب طريقان:
أحدهما: أن فيه قولين: