قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ فِي الشُّرُوطِ وَالحُكْمِ أَمَّا الشُّرُوطُ فَسِتَّةٌ: الأَوَّلُ المُحَلِّلُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَوْ كَانُوا حَرْبيَّينَ وَلَيْسَ فِي جُمْلَتِهِم إِلاَّ شَخْصٌ وَاحِدٌ شَرَطَ أَنْ يَغْنَمَ وَلاَ يَغْرَمَ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ مَعَ أنَّهُ إِنَّمَا يَغْنَمُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ دُونَ جَمِيعِ المَالِ؟ فَفِيهِ وَجْهَانِ وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ المُحَلِّلَ يُحَلِّلُ لِغَيْرِهِ لأنَّهُ لَيْسَ يَغْنَمُ جَمِيعَ المَالِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: كما أن الكلام في "المسابقة" مرتَّب في نظرين: أحدِهِما في الشروط، والآخَرِ في الأحكام، كذا الحال في "المناضلة".
أما الشروط، فإنه عدّها ستةً: أحدها: المحلِّل، والمال في المناضلة على نحو ما تقدَّم في المسابقة، إما أن يخرجه غير المتناضلين أو أحدهما أو كلاهما، وصورة القسم الأول؛ أن يقول الإِمام أو أجنبي ارْمِيَا عَشَرَةَ أرشاقٍ، فمن أصاب منها كذا، فله كذا.
وصورة القسم الثاني؛ أن يقول أحدهما: ترمي كذا، فإن أصبت بها كذا، ذلك عليَّ كذا، وإن أصبتُهما، فلا شيء لي عليك.
وصورة القسم الثالث؛ أن يشترط كل واحد منهما المالَ على الآخر، إن أصاب، وهذا لا يجوز إلا بمحلِّل يدخل بينهما، كما مر.
وكما تجوز المناضلة بين اثنين، تجوز بين حِزْبَيْن على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- وحينئذٍ، فكل حزب كشخص واحد، فإن أخرج المال غير الحزبين أو أحد الحزبين دون الآخر جاز، وإن أخرجه كل واحد منهما، فلا بد من محلِّل أو من حزب محللين، ولو أخرج الحزبان المال، وشرطوا لواحد من أحد الحزبين أنه إن كان الفوز لحزبه شاركهم في أخذ المال، وإن كان الفوز للحزب الآخر، فلا شيء له على ذلك الواحد، إنما يغرم أصحابه، ففيه وجهان:
أحدُهُمَا: أنه يجوز، ويكفي ذلك الشخْصُ مُحَلِّلاً.
وأصحُّهما: على ما ذكره الإِمام: المنعُ؛ لأن المحلِّل هو الذي إذا فاز استبد بالمال، وهاهنا لا يستبد، بل يوزع المال عليه، وعلى أصحابه لو فازوا.
ولو اشتمل كل حزب على محلل على الصورة المذكورة، قال الإِمام: فيه وجهان مرتَّبان على هذه الصورة، أقرب إلى الصحة؛ لاشتمال كل حزب على محلِّل، والوجه المنع، فإن المحلِّل مَنْ يفوز بالأسباق، ولو شرط كل حزب كل المال لمحللهم، فهذا ممتنع على وجه؛ لأنه يكون فائزاً في غيره ولا سبيل إلى احتمال هذا.
وقوله في الكتاب "وإن قلنا: إن المُحلِّل يحلِّل لغيره" الذي ينبغي أن يفهم منه أن الوجهين يجريان، سواءٌ قلنا: إن المحلِّل يحلِّل لغيره أو قلْنا: إنه لا يحلل إلا لنفسه، أما على التقدير الثاني، ففي حِلِّ حصته له الوجهان، وأما على التقدير الأول، ففيه وفي