الفسخ، وليس لأحدهما أن يجلس ويترك العمل، إن كان مفضولاً، وكذا إن كان له فضلٌ، واحتمل الحال أن يدركه، فيسبقه، وإلا، فله الترك، فإنه يترك حق نفسه، ولا يجوز لهما الزيادة في العمل والمال ولا النقصان إلا أن يفسخا العقد الأول ويستأنفا.
آخر: وإذا سبق أحدهما، فلا بدّ من قبول الآخر بالقول، ولا يكلف المسبق البداءة بتسليم المال بخلاف الأجرة تُسَلَّم إلى المكْري بالعقد المطْلَق؛ لأن الأمر في المسابقة مبنيٌّ على الخطر، فيبدأ فيه بالعمل، ويجوز ضمان السبق والرهن به قبل العمل على هذا القول، وعن القفَّال، أنه احتج بوجوب البداية بتسليم العمل على أن المال لا يُسْتحقُّ إلا بالعمل، وحينئذٍ ضمان يخرَّج ضمان ما لم يجب وجرى سبب وجوبه، قال: وضمان هذا أبعدُ من ضمان نفقة الغد، فإن الظاهر استمرار النكاح والطاعة، وسبْقُ من شرط له السبق أمرٌ مغيَّب، والظاهر الأول، ورأى الإِمام اللائق بلزوم المعاملة أن يقول: الاستحقاق موقوفٌ مراعى فإذا سبق، تبينا الاستحقاق بالعقد، وبعد الفراغ من العمل، يجوز ضمان السبق والرهن به على القولَيْن، وإن كان السبق عينًا، وجب على المُسْبَق تسليمها، فإن امتنع، أجبره الحاكم وحسه فيه، ولو تلفت في يده بعد المطالبة، والتقصيرُ منه يلزمه الضمان، وإن تلفت في مدة قبل العمل، انفسخ العقد، ولو عاقه مرض ونحوه، لم يَبْطُل العقد، بل ينتظر زواله.
فرع: أورده الصيدلانيّ وغيرُه: أنه لو اشترى منه ثوباً، وعاقد عقد السبق بعشرة، فإن جعلنا المسابقة لازمةً، فهو كما لو جمع في صفقة واحدة بين بيع وإجارة، وفيه قولان، وإن جعلناها جائزة، لم يجز؛ لأن الجمع بين الجعالة لا يلزم، وبَيْعٌ يلزم في صفقة واحدةٍ لا يمكن.
القاعدة الثانية: إذا فسدت المسابقة، وركَضَ المتسابقان على فسادها، وسبق الذي لو صحَّت المسابقة، لاستحق بالسبق المشروط، فهل يستحق شيئاً فيه وجهان:
أحدهُما: وهو اختيار أبي إسحاق وابن القاصِّ: أنه لا يستحق شيئاً على باذل المال؛ لأنه لم يعمل له شيئاً وفائدة عمله ترجع إليه بخلاف ما إذا عمل في الإِجارة أو الجعالة الفاسدتين، ترجع فائدة العمل إلى المستأجر والجاعل.
وأصحهما: وبه قال أبو الطيب بن سلمة، واختاره الشيخ أبو محمد والقفَّال: أنه يستَحِقُّ؛ لأن المنفعَة التي يُسْتحقُّ بها المسمى في العقد الصحيح لا تَعْزَى عن العوض عند الفساد، كما في الإِجارة والقراض وغيرهِما، والعملُ قد لا ينفع في القراض، ومع ذلك يكونُ مضموناً فعلى هذا، إن كان الفساد كخلل في السبق، وتعذر وتقويمه؛ مثل أن يكونَ خمراً أو مجهولاً، فالرجوع إلى أجرة المثل لا غير، ولا ينظر إلى القدر الذي سبق به، بل يعتبر جميع ركضه؛ لأنه سبق بمجموع عمله لا بذلك القدر، وإن كان لا