من غير مال، وإن كان يقطع؛ بأنه يسبق، ففي صحة هذه المعاملة وجهان:

أحدهما: المنعُ؛ لأن قضية المسابقة أن يتوقع كل واحد منهما السبق.

وأصحُّهُما: الصحة، وحاصلها إخراج مال الذي يقطع بأنه يسبقه؛ فأشبه ما إذا قال لغيره: ارْم كذا، فإن أصبت منه كذا، فلك هذا المال، ولو أخرج كل واحد من المتسابقين المال، وأدخلا محلِّلاً، يعلم تخلُّفه لا محالة، فلا فائد في إدخاله، ويبقى العقد على صورة القمار، وإن كان يُتيقَّن سبقه، ففيه الوجهان.

ولو أخرجا المال، وأحدُهما بحيث يُقْطَع بسبقه، ولا محلِّل، فالذي يسبق كالمحلِّل؛ لأنه لا يستحق عليه شيء، فشرط المال من جهته لَغْوٌ، وهذه تفاصيل حسنة، وفي الكتاب ذِكْرُ بَعْضِها في "الباب الثاني" على ما سيأتي بتوفيق الله تعالى، ولو كان سبق أحدهما ممكناً على الندور، ففي الاكتفاء به للصحة وجهان:

أقربهما إلى كلام الأصحاب: المنع، وأنه لا يقام للاحتمال النادر وزْنٌ، ويتعلَّق بما نحن فيه القول فيما إذا اختلف المركوبان نوعاً أو جنساً؛ أما اختلاف النوع، فلا يضر، ويجوز المسابقة على الفرس العربيِّ والعجميِّ، وعلى العربيِّ والتركيِّ، وعن أبي إسحاق، أنه، إذا تباعد النوعان؛ كالعتيق والهجين من الخيل والنجيب والبُخْتِيِّ من الإِبل، لم يجز، وهذا ما ينبغي أن يترجح، وإن كان الأول أشهر؛ لأنه إذا تحقَّق التخلف، فأي فرق بين أن يكون لضعف عارضٍ أو لرداءة النوع (?).

وأما إذا اختلف الجنّس؛ كالإِبل والفرس، ففي المسابقة عليهما وجهان:

أشبههما، وهو الجواب في "الشامل" وغيره: المنعُ؛ لأن الإِبل لا يلحق بالفرس غالباً، ويجري الخلاف في الفرس والحِمَار، إن جوَّزنا المسابقة على الحمار، وكذا في الحمار والبغْل، إذا جوزنا المسابقة عليهما، والأشبه في هذه الصورة الجواز لتقاربهما، وبه أجاب ابنُ الصَّبَّاغ، وعبَّر معبِّرون عن هذه الجملة بعبارة أخرَى، فقالوا: مِنْ شَرْطِ المسابقة تكافُؤُ الفرسين، وفيما يعتبر فيه التكافؤ وجهان:

أظهرهما: أن التكافؤ بالتجانس، فلا تجوز المسابقة بين الفرس والبغل، وتجوز بين العتيق والهجين من الخيل.

والثاني: وبه قال أبو إسحاق: أنه لا يُنْظَر إلى التجانس، وإنما المعتبر أن يكونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015