وَتَسَاوَقَا بَعْدَهُ أَخَذَ المُحَلِّلُ مَالَهُمَا، وَإِنْ سَبَقَ المُحَلِّلُ. مَعَ أَحَدِهِمَا فَمَالُ الفِسْكِلِ لَهُمَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قال الشافعيُّ -رضي الله عنه-؟ "إلاَّ سِبَاقَ ثَلاثَةٍ" وأراد به أن المال في المسابقة إما أن يخرجه غير المتسابقين أو يخرجه أحدهما أو كلاهما.
أما الحالة الأولَى فيجوز للِإمام إخراج السبق من خاصة نفسه، ومن بيت المال؛ لما فيه من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد أسباب القتال، وقد رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- "سَابَقَ بَيْنَ الخَيْل، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا سَبَقاً" (?) ويجوز للواحد من عَرَض الناس أيضاً إخراج السَّبَق من ماله؛ لأنه بذل مال في قربة وطاعة، ويثاب عليه، إذا نوى، وقال مالك: يختص ذلك بالإِمام، ولا فرق بين أن يتسابق اثنان أو أكثر، ومن سَبَقَ، أخذ المال.
والثانية: أن يخرج أحد المتسابقين، ويُشترط أنه، إن سبق، أحرز ما أخرج، ولا شيء له على الآخر، كان سبق الآخر، أخذ ما أخرج الأول، فهو جائز؛ لما رُوِيَ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "مَرَّ بِحِزْبَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ يَتَنَاضَلُونَ، وَقَدْ سَبَقَ أحَدُهُمَا الآخَر؛ فَأَقَرَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ" (?) وعن مالكٍ: أنه لا يجوز؛ لأنه قِمَارٌ، وأجاب الأصحاب بأن القِمَار أن يكونَ كلُّ واحد منهما متردِّداً بين أن يغنم ويغرم، وليسا ولا واحدٌ منهما كذلك، أما المُخْرج، فإنه متردِّد بين أن يغرم وبين أَلاَّ يغرم، ولا يغنم بحال، وأما الآخر فمتردِّد بين أن يغنم، وبين أن لا يغنم، ولا يغرم بحال.
وإن تسابق جماعة، وأخرج اثنان فصاعداً، وشرطوا أنَّ مَنْ سبق من المخْرِجِين، لم يحرز إلا ما أخرجه، ومن سبق من غيرهم، أخذ ما أخرجه المخرجون، فهو جائز أيضاً.
والثالثة: أن يخرج المتسابقان جميعاً، ويقول كل واحد منهما: إن سبقْتَني، فَلَكَ