هنا أيضاً، وإن عينا غايةً، وقالا: إن اتفق السبق عندهما، فذاك، وإلا، فعديناها إلى غاية أخرى، اتفقا عليها، فوجهان حكاهما الإِمام: في وجْه: لا يصح؛ لتردُّد المعقود عليه، وتميله، والأظهر: الصحة؛ لحصُول الإِعلام، وكون كل واحد من السبقين سبقاً إلى غاية معيَّنة، واعلم أنه كما يُشترط أن يكونَ الموقف والغايةُ معلومَيْن، يشترط أن يكون المالُ معلومَ الجنْس والقدْر، وكأنه أهمله؛ لوضوحه وقد تعرَّض له في "الوسيط".
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالِثُ: إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً فَفِي شَرْطِ المَالِ للِمُصْلَّي أَعْنِي التَّالِيَ للِسَّابِقِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ: (أَحَدُهَا): الجَوَازُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّحَذُّقِ فِي ضَبْطِ الفَرَسِ (والثَّانِي): لاَ لأَنَّ السَّبْقَ هُوَ المَقْصُودُ (الثَّالِثُ): أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ شيْئاً بِشَرْطِ أَنْ يُفْصَلَ السَّابِقُ وَكَذَلِكَ لَجمِيعهِمْ عَلَى التَّرْتِيبِ، أَمَّا الفَسْكَلُ وَهُوَ الأخَيرُ فَلاَ يُخَصّ بفَصْلٍ، وَهَلْ يُشْتَرَكُ في الحَقِّ فِيهِ وَجْهَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَول ما نورده في الفصْل ما اشتهر من أسماء الخيل التي تُجْمَع للسباق، فَيُقَالُ: الذي يجيء أولاً السابق والمُجَلِّي، والثاني المُصَلِّي، والثالث المُسَلِّي، ويُقال: التالي، وللرابع: التالي، ويُقال: المُرتَاح، وللخامس: العاطِفُ، ويُقال: المُرْتاح، وللسادس: المُرْتَاح، ويُقال: العاطف، وللسابع المُؤَمِّلُ، ويُقال: الحَظِيّ، وللثامن: الحَظِيّ، ويُقال: المؤمل، وللتاسع: اللطيم، وللعاشر: السُّكَيتْ كالكُمَيْت، ويُقال له: الفِسْكِل أيضاً، وكانوا لا يعتدون بما يجيء بعدها، وربما سُمِّي الفارسون بهذه الأسماء، وعلى ذلك يجري الفقهاء (?).
إذا تقرَّر ذلك، فإذا كان التسابق بين اثنين، والمالُ يبذله غيرهما، فإن شرطه للسابق منهما، فذاك، وإن شرَطَه للثاني أو شُرِط للثاني ما يُشتْرط للأول أو أكثر، لم يجز؛ لأن كل واحد منهما يؤخِّر نفسه، فلا يجتهد في السبق، وإن شرط للثاني، دون ما شرط للأول فوجهان: