أحدهما: وَيُحْكَى عن أبي إسحاق وأبي علي الطبرَّي: أنه حلال؛ لظاهر قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الآية.

والثاني: أنه حرام؛ لأن الأصل في الحيوان التحريمُ إلى أن يُعْلَم الحال، وهذا أرجح عند القاضي ابن كج، وفي "العدة": أن الأول ظاهرُ المذهب، وكذلك ذكر الإِمام في موضع الإِشكال؛ أن ميل الشافعيِّ -رضي الله عنه- إلى الإباحة، وميلَ أبي حنيفة إلى التحريم، وعن "الحاوي": أن الوجهين مُخَرَّجان على أن الأشياء قبْل ورود الشرْعِ على الحظْر أو على الإِباحة؟ واعلم أننا نراجع العرب، ونعتمد استطابتهم واستخباثهم في الحيوان الذي لم يَردْ نصٌ خاصٌّ ولا عامٌّ في تحليله أو تحريمه، ولا ورد أمر بقتله ولا نهي عنه، أما إذا وجدْنا أصلاً من هذه الأصول، فليعمل بمقتضاه ولا نراجعُهم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (السَّابعُ): مَا لاَ نَصَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَوَرَدَتِ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ كَانَ حَرَاماً فِي شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فَهُوَ مُسْتَصْحَبٌ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ما ثبت تحريمه في شرْع من قبلنا، هل يُسْتَصْحَبُ؟ حَكَى صاحبُ الكتاب فيه قولين:

أحدهما: نعم: أخذاً بما كان إلى أن يظهرٍ ناسخٌ وناقلٌ.

والثاني: لا، بل اعتماد ظاهر الآية المقتضية للحل أولَى من استصحاب الشرائع السالفة، والخلاف على ما ذكَر الموفَّق بن طاهر مبنيٌّ على أن شرع من قبلنا، هل هو شرع لنا؟ وفيه اختلافٌ أصوليٌّ، والأوفقُ لسياق كلامِ عامَّةِ الأصحاب: أنه لا يُسْتَصْحب حكم شرع من قبلنا (?)، وإذا قلْنا به، فلا تفريع، وإن حكمنا باستصحاب ما كان، فذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015