والإِجماع، وفي الَصرارة خلاف للأصحاب، فألحقها بعضُهم بالجراد، وآخرون بالخُنْفُسَاء والذُّبَاب، وهو الأظهر، وفي القُنْفُذ (?) وجهان أيضاً:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفَةَ وأحمدُ: يحرم؛ لما ورد في الخبر (?)؛ أنه من الخبائث.
وأصحُّهما: الحِلُّ، لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الآيَةَ، ويُرْوَى أنَّ ابن عُمَرَ -رضي الله عنهما- سُئِلَ عن القْنْفُذِ، فقرأ هذه الآية، فقال شيخٌ عنْده: سمعتُ أبا هريرةَ -رضي الله عنه- قَال: ذُكِرَ القُنْفُذ عنْد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَال: خَبِيثٌ مِنَ الخَبَائِثِ فقال ابنُ عمر -رضي الله عنهما- إنْ كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قالَهُ، فهو كما قال، كأن الشيخَ كان مَجْهولاً، فلم يَر قَبُولَ روايته، وحمله بعضُهم على أنه خبيثُ الفعل؛ لأنه يُخْفِي رأسه عنْد التعرُّض لذَبْحه، ويُؤْذِي بشوكه، إذا صيد، وعن القفَّال: أنه، إن صح الخبر، فهو حرام، وإلا، رجعنا إلى العرب، هل يستطيبونه؟ والمنقول عنهم الاستطابة (?).
ويجوز أن يعلَم قولُه في الكتاب "كالحشرات" وما بعده بالميم؛ لأن عند مالكٍ: الحشراتُ كلُّها مكروهةٌ غير محرمة، وأن يُعلَم الضُّفْدَع والسَّرَطَان والسُّلْحَفَاة مع الميم بالواو؛ لما قدَّمنا فيها.
وقوله: "وما أشكل منه، فيُرْجَع إلى العرب" السابق إلى اللهم منه الرجوع إلى العرب الموجودين في الحال، والمقصود أنا إذا وجَدْنا حيواناً في غير بلاد العرب، نعرضه على العرب، فإن استطابوه أو سَمَّوْه باسم حيوان حلال، فهو حلال، وإن استخبثوه، وسمَّوهْ باسم حيوانٍ حرامٍ، فهو حرام، وإن تردَّدوا فيه أو لم نجدْهم أو اختلفوا، ولا ترجيحَ، فيُعتبر بأقربَ الأشياء شبهاً به، فإن لم يكن شبيه، أو تعادل الشبهان، فوجهان: