قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الثَّاني): مَا في مَعنَاهُمَا كَالنَّبِيذِ في معْنَى الخَمْرِ (الثَّالِثُ): كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكلُّ ذِي مِخْلَب مِنَ الطُّيُورِ فَيحْرُمُ الكَلْبُ وَالفِيلُ وَالدُّبُّ وَالبَازِيُّ وَالشَّاهِيْنُ وَالصَّقْرُ وَالعُقَابُ وَالنَّسْرُ وَجَمِيعُ جَوَارحِ الطَّيْرِ، وَلاَ يَحْرْم الضَّبُّ وَالضَّبْعُ وَالثَّعْلَبُ، أَمَّا ابْنُ عِرْسَ وَابنُ آوَى فَفِيهِ تَردُّدٌ لِشَبَهِهِ بالثَّعْلَبِ وَالكَلْبِ، وَكَذَا في الهِرَّةِ الوحْشِيَّةِ تَرَدُّدٌ لِشَبَهِهَا بِالإنْسِيَّةِ، وَالأَظْهَرُ إِلحَاقُ السِّمُّورِ وَالسِّنْجَابِ بالثَّعْلَبِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:
إحداهما: يحرم ما هو في معْنَى ما نصَّ الكتاب أو السنّة على تحريمه؛ كالنبيذ؛ فإنه بعلة الإِسكار حرام، كالخمر، واعلم أن المقصودَ هاهنا التمثيل، وإلا، فالنبيذ مما وردتِ السنّة بتحريمه على ما سبق في الأشربة، فيمكن إسناد تحريمه إلى النَّصِّ دون القياس، ومن الناس من قال: إن الخمر ما خامرت العقل، وإن النبيذ متناول باسم الخمر، وعلى هذا، فالوارد في الخمْر وارد في النبيذ، فيكون منصوصاً عليه، لا ملحقاً بالمنصوص.
الثانية: تحريمُ أكل جمل ذي ناب من السباع وذي مِخْلب من الطيور، وبه قال أبو حنيفة وأحمدُ، وقال مالك يُكْرَه ولا يَحْرُم؛ لما رُوِيَ عن علي -رضي الله عنه- وابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنْ أَكل كُلِّ ذِي نَاب مِنَ السِّبَاع وَذِي مِخْلَبٍ فِي الطُّيُور" (?) وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: كَلُّ ذِي نَابٍ مَنَ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ (?)، ورُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر خالدَ بنَ الوليد -رضي الله عنه- عَامَ خَيبَرَ، حَتَّى نَادَى؛ أَلاَ لاَ يَحِلُّ لَكُمُ الْحِمَارُ الأَهْلِيُّ، وَلاَ كُلُّ ذِي نَاب مِنَ السِّبَاعِ" (?) والمراد من ذي النّاب الذي يعدو على الحيوان، ويتقوى بنابه، والتحريم على ما عزى