لا يتأتَّى حصر أنواعه، لكنَّ الأصل في الكِلِّ الحِلُّ؛ لأن الأعيان مخلوقُةُ لمنافع العباد، وقد يُتَمَسَّك له بقوله تعالَى {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الآية، وأطلق صاحبُ الكتاب القول بحل الجميع، إلا ما يستثنيه عشَرةُ فُصُول:
أحدها: تنصيص الكتاب على تحريمه؛ كالخنزير والخمر، أما الخنزيرُ، فقد قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] وقال: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145] وأما الخمر، فقد قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: 90] إلى قوله تعالَى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91]، واحتج به على التحريم من وجوه مشهورة، ومن هذا القبيل الميتةُ والدَّمُ، والمنخنقة (?) والموقوذة (?)، والنَّطيحة (?)، وكذا تنصيص السنَّة على التحريم؛ كالحُمر الأهلية فعن علي -كرّم الله وجهه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَامَ خَيْبَرَ عَنْ نِكَاحِ المتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ (?) ويُرْوَى ذلك من رواية جابر وجماعة من الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، وعن "الحاوي" حكايةُ وجهين عن الأصحاب في أن الحُمُرَ حُرِّمَتْ بالنص أو باستخباث العَرَب لها، ونفى مالك تحريمَها،