ولو قال: جعلتُ هذا العبْدَ عَتِيقاً -لم يُخْفَ الحُكْمُ.

ولو قال: جَعَلْتُ هذه الدراهِمَ أو هذا المالَ صدقة فَفِيه وَجْهانِ، قد يوجه التعيينُ بالقِياسِ على ما إذا قال: جعلتُ هذه الشاةَ ضحيةً، والآخر بأنه لاَ فَائِدَةَ في تَعْيينِ الدراهِمِ، والشاةُ يُفْرَضُ اختصَاصُها بِسِمَنٍ وَحسْنٍ مَنْظَرٍ وغَيْرِهما وتفاريعُ الأئِمَّةِ لِلتَّعْيِين أَوْفَقُ. ولو قال عَيَّنْتُ هذه الدَّرَاهِمَ عَمَّا في ذِمتِي منْ زكاةِ أَوْ نَذْرٍ، فَقَدْ ذكر الإمامُ أَنَّ الأصحابَ قطعُوا بأنه يلغو؛ لأنَّ التعيينَ ضَعِيفٌ في الدَّرَاهِم، وتَعْيِينُ ما في الذِّمَّةِ ضعيفٌ فيه، فإذا اجتمع سَبَبُ الضَّعْفِ لغى، وقد يِقَاسُ ذلك علىَ تَعْيِين الدَّرَاهِم كديون الآدَمِيِّين.

قال: وَلَيْسَتِ الصورةُ خَاليةً عن الاحتمَالِ (?).

وقولُه في الكتاب: "ولو عيَّن الدراهمَ للصدقةِ، لم يتعيَّنْ، يمكنُ حملُه على هذه الصورةِ إلى الصدَقَةِ الثابتة في ذِمَّته، ويمكن حملُه على ما إِذَا قال: جعلتُ هذه الدراهمَ صدقةً، أو: لله عليّ أن أتصدَّقَ بهذه الدراهِمِ، والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأن الأَقْرَبَ إلى اختيارِ الأَئِمة السَّالِفِين -رحمهم الله- في الصورة الثانية التعيين فلو حُمِل عليها كان جوابُه على خلافِ جوابِهم.

الثانيةُ وقْتُ التَّضْحِية للمتطوِّع بها قد تبيَّن من قبلُ.

قال الرُّوَيانِي: فإذا أراد التطوّعَ بالذبح، وتَفْرِيق اللحم في غير أَيَّام التشرِيقِ -يحصلُ له ثوابُ الصدقةِ ولا تحصلُ الأُضْحيةُ ولا ثوابُها.

ولو قال: جعلتُ هذه الشاةَ ضحِيةً فوقْتُها قوتُ المتطوع بها. ولو قال: لِلَّه عليِّ أن أُضَحِّي بشاة، فهل [تتأقَّتُ] (?) بذلك الوقْتِ؟ فيه وجهانِ:

أَحدُهما: لاَ؛ لثبوتها في الذَّمِّةِ كما في دماءِ الجُبْرانَاتِ.

وأظْهرُهما: نَعَمْ؛ لأنه التزمَ ضحيةً في الذمةِ، والضحيةِ مؤقَّتة وعلى هذا ينطبقُ ما حكى الرُّوَيانِي عن الأصْحاب أنه لا تجوزُ التضحية بعد أيام التشْرِيق إلا أُضْحيةً واحدةً -وهي التي أَوْجبها في أيامها أَو قبلِها ولم يذبحْهَا حتى فات وقتُها، فإنه يذبحها قضاءً.

فإن قُلْنا: لا تتأقتُ فلو التزم بالنذْرِ ضحيةً، ثم عيَّن واحدةً عن نذره وفرّعْنا على أنها تتعيَّنُ، وهل تتأَقّتُ التضحيةُ بها؟.

فيه وجهان:

أحدُهما: نعم -كما لو قال: جعلتُ هذه ضحيةً، ولم يلتزم في الذمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015