أَظْهرُهَا: وهو المذكورُ في الكتاب أنه يُوَجِّهُ مَذْبَحَها إلى القِبلة [ولا يوجِّه وَجْهَهَا؛ لأنه حِيئَذٍ يحتاج إلى أن يَسْتَدْبِرَ القِبلة] ويجعلها على يَسَارِه.
وثانيها: أَنْ يُوَجِّهَهَا بجميعِ بَدَنِها.
وثالثها: أَنَّهُ يُوَجِّهُ قَوَائِمَهَا.
ومنها: التسميةُ عند الذَّبْحِ، وقد سبق ذكرها في "الصيد والذَّبَائِحِ، ولو ضَمَّ صاحبُ الكتاب ما ذَكَرَ هاهنا مِنْ مَسائِل التسمية إلى ما ذَكَر هناك، وأوردهما في أحد الموضِعَيْنِ -لكان أَحْسَنَ ويجوزُ أن يُعْلمَ قولُه "وأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللهِ" بالحَاءِ والأَلِفِ؛ لأنهما لا يَعُدَّانِه من السُّنَنِ على ما سبق بيانُ مذهبِهمَا.
ولا يجُوز أن يقول [الذابِحُ: بسم مُحمد ولا أن يقول] (?) باسْمِ الله واسم محمدٍ، وإنما هو حَقُّ لله تعالى أن تُجْعَلَ الذبائِحُ باسْمِه، وأن يكون اليمنُ باسْمِه وأن يكون الجود له لا يُشَارِكُه في ذلك خَلْقٌ. هكذا حكاه الصَّيْدَلانِي، والرُّويَانِي، وغيرُهما عن القَفَّالِ وذكر في "الوَسِيطِ" أنه لا يجوزُ أَنْ يقولَ بِاسْم اللهِ، ومُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ؛ لأنه لاَ شَرِيكَ، وكان لا يبعدُ أَنْ يجعل إضافَتَهُ إلى الله تعالىَ بالرسالةِ صَارفاً عَنِ [التَّشْرِيكِ] (?)، وإيهامه بخِلاَفِ ما إذا اقْتَصَر على العلم. قال ولو قال: باسْمِ اللهِ ومُحَمدٌ رسولُ الله، بالرفْعِ فلا بأسَ به.
وتناسِبُ هذه المسائِلُ ما حكى في "الشَّامِل" وغيره عن النصِّ أنه لو كان لِأَهْلِ الكُفَّارِ ذبيحةٌ يذبحونها باسمِ غَيْرِ الله تعالى كالمسيحِ -لم يَحِلَّ.
وفي كتاب القاضي ابنِ كج: أن اليهودِيَّ لو ذَبَح، لـ"مُوسَى" أو النصراني لو ذبح لِـ"عِيسَى" -عليه السلام- أو الصليب -حَرُمَتْ ذبيحتُه، وأَنَّ المسلِمَ لو ذبح للكعبةِ أو للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيقوى أن يُقَال يحرمُ لأنه ذبح لغيرِ الله تعالى.
وإن أَبَا الحُسَيْن خَرَّجَ وجهاً آخر: أنه يَحِلُّ لأن المسلمَ يذبح للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ولا يعتقِدُ في الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يعتقده النصرانيُّ في عِيسَى -عليه السلام-.
قال وإذا ذبح للصَّنَمِ -لم تُؤكَلِ الذبيحةُ سَوَاءٌ كان الذابحُ مُسْلِماً أو نصرانياً.
وفي تَعْلِيقة إبراهِيم المرْورُّوذي أن ما يُذبْحُ عن استقبالِ السُّلْطانِ تقرُّباً إليه، أَفْتَى أهلُ بُخَارَى بتحريمهِ؛ لأنه مما أُهِلَّ به لغير الله تعالى واعلَمْ أن الذبْحَ للمعبُودِ وبِاسْمِه نازِلٌ منزلةَ السُّجُودِ له، وكل واحد منهما نوعٌ من أنواع التعظِيم والعبادَةِ المخصُوصَةِ بالله تعالى الذي هو المستحِقُّ للعبادةِ، فمَنْ ذبح لغيره مِنْ حَيَوَانٍ أو جَمَادٍ كالصَّنم على وَجْهِ