لهذا أو لذاك كما إذا مات عن ابْنَيْنِ مُسْلِمٌ ونَصْرَانِيٌّ، وادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما أنه مات على دِينهِ، وأخذ أبُو إسْحَاقَ بظاهِرِ النّصِّ، وقال: إذا رَمَياهُ وماتَ الصيدُ، ولم يُدْرَ: هل أَثْبَتهُ الأَوَّلُ بسهْمِه؟ يَجعلُ بينهم لأن الأَصْلَ أنه لم يُثْبته، ويبقى علَى امْتِنَاعه إلى أن [عقره] (?) الثاني، فيكُونُ عقرُه ذكاةً له، ويكون بينهما لاِحْتمالِ الإثباتِ من الأولِ، ومن الثاني ولا مَزِيَّةَ لأحدِهما على الآخر (?).
وقِيل: في حلِّه قَوْلاَنِ، كما في مسألة الإِنماء.
قال الغَزَالِيُّ: (الحَالَةُ الرَّابِعَة) وَلَوْ تَرَتَّبَ الجُرْحَانِ وَحَصَلَ الإزْمَانُ بِمَجْمُوعِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا* وَقِيلَ: إِنَّهُ لِلثَّانِي* فَعَلَى هَذَا لَوْ عَادَ الأَوَّل وَجَرَحَهُ ثَانِياً فَجِرَاحَتُهُ الأَولَى هَدَرٌ وَهَذَا مَضْمُونٌ* فَإنْ مَاتَ بِالجِرَاحَاتِ الثَّلاَثِ وَجَبَ عَلَيْهِ قيمَةُ الصَّيْد وَبِهِ جِرَاحَةُ الهَدَرِ وجراحة المَالِكِ* وَقِيلَ: علَيْهِ ثلُثُ القِيمَةِ* وَقِيلَ رُبُعُ القِيمَةِ.
قال الرَّافِعِي: إذا ترتب الجُرْحَانِ، وحصل الإزمانُ بمجموعهما فكلَ واحدٍ منهما بحيث لو انفرد لم يُزْمِنْ، فلمن يكون الصيدُ؟ فيه وجهان:
أَحدُهما: أنه يكونُ بينهما؛ لأن سبَبَ المِلْكِ حصل بفعْلِهمَا. وقد يُسَمَّى هذا قولاً مخرجًا.
والثاني: أنه للثاني؛ لأن الإزمانَ حصل عَقِيب فِعْله، ولإصابةُ حصلت، والمُرْمَى إليه صيدٌ مباحٌ [فيبطل] (?) أثر الجراحةِ الأُولَى، ويصير صاحِبُها كالمُعِين للثاني، والإعانةُ لا تقتضي الشِرْكَةَ، ولذلك لو أَرسلَ كَلْبًا إلى صيدٍ، فصرف إنسانٌ الصيدَ إلى الكلْبِ، أو ضَيَّقَ عليه الطرِيقَ، حتى أَدْركه الكلبُ، يكون الصيدُ للمُرْسِلِ، ومال الإِمامُ إلى الوجْهِ الأول، ونظمُ الكتابِ يُشْعر بترجيحه أيضاً، لكنَّ المذهبَ الظاهِرَ على ما ذكره الجمهورُ هو الثَّانِي.
وفيما عُلِّقَ عن أَبِي بَكْر الطُّوسِي بناءُ الوجْهين على الخلاف المذكور، فيما إذا كانت عنده صَغِيرتَانِ، فارضعت امرأةٌ إِحْدَاهُما، ثم الأُخْرى، يندفعُ نِكَاحُها جَمِيعًا إذا أرضعت الثانيةَ، أو لا يندفِعُ نكاح الثانيةِ؛ إِنِ انْدفع نِكَاحُها، فالصيدُ بينهما، وإلاَّ فهو للثاني، وإذا قُلْنَا: إنه للثاني أو كان الجرحُ الثاني مزْمناً لو انفرد، ولم يكن للثاني أَثَرٌ