ضَمَانَ العَقْدِ، وقضية تخريجهما في الجُعْلِ أن يَكُونَ الأَصَحُّ وُجُوبَ أُجْرَةِ المِثْلِ هاهنا، إنْ كَانَ حَالُ القولين هاهنا كَحَالِ القَوْلَيْنِ هناك، والذي يُوجَد لعامَّةِ الأَصْحَاب في المسألة إِيجَابُ قيمة الجَارِيةِ، ولا يتعذَّر الفَرْقُ على من يُحَاوِلُهُ، ثم مَحلُّ البَدَلِ الواجب مَالُ المَصَالِحِ، أو أصل الغَنِيمَةِ؟
فيه الخِلاَف المذكور في الرَّضْخِ.
وَيَجُوزُ أن يُعَلَّمَ لما عرفت من الخِلاَفِ قَوْلُهُ في الكتاب: "تَغْلِيبًا للبدل" بالواو، وكذا لفظ "القولين" من قولِهِ: "ففي وجوبِ البَدَلِ قَوْلاَن".
الثالثة: إِذَا وجدنا الجَارِيَةَ مُسْلِمَةً، نُظِرَ إن أَسْلَمَت قبل الظَّفَرِ، وكانت حُرَّةَ لم يَجُزِ اسْتِرْقَاقُهَا، وتَسْلِيمُهَا إلى الدليل؛ لأنَّ إِسْلاَمَها قَبْلَ الظَّفَرِ يمنع من الاستِرقَاق (?).
وعن ابن سُرَيْجٍ: أن فيه قَوْلاً آخر: أنَّها تُسَلَّم إليه؛ لأنَّهُ اسْتَحَقَّهَا قبل أن أَسْلَمَتْ، والمذهبُ الأَولُ.
وإن أسلمت بعد الظَّفَرِ، فإن كانَ الدَّلِيلُ مُسْلمًا وجَوَّزْنا هذه المُعَاقَدَةَ معه، أو كافرًا وأسلم سُلِّمَتْ إليه، وإلا فَيُبْنى على القَوْلَيْنِ في شراء الكَافِرِ العَبْدَ المسلم، إن جَوَّزْنَاهُ فَتُسَلَّمُ إليه، ثم يؤْمَرُ بإزالة المِلْكِ عنها وإن لم نُجَوِّزْهُ لم تُسَلَّمْ إليه، وإذا لم تُسَلَّمْ إليه بعد الإِسْلاَمِ، فهل يجب بَدَلُهَا؟ فيه طريقان:
أحدهما: أنه على الخِلاَفِ في الموتِ لِتَعَذُّرُ التَّسْلِيم بِالإسْلاَم كَتَعَذُّرِهِ بالمَوْتِ، وَبِهَذَا قال أَبُو الطَّيِّبِ بن سَلَمَةَ.
والثاني: القَطْعُ بالوجوبِ، وبه قَالَ ابْنُ الوَكيلِ.
والفرق: أَنَّهَا إذَا ماتت تعذَّرَ التَّسْلِيمُ حِسّاً، وإذا أسلمت فالتسليمُ ممكن حِسّاً، وهو مُطَالبٌ، ولكن الإِسْلاَم حَالَ بَيْنَهُ وبَيْنَهَا، فَوَجَبَ البَدَلُ لِلْحَيْلُولَةِ، وهذا الفَرْق يَقْتَضِي أن يَكُونَ الوَاجِبُ هَاهُنَا القِيمَة لا مَحَالَة لا أُجْرَةَ المِثْلِ، والظاهرُ في صُورَةِ الإسْلاَمِ وُجُوبُ البدل، وإن ثبت الخِلاَف، وهو فيما إذا أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ [أَظْهَرُ منه فيما إذا أسْلَمَتْ قبله؛ لأنها إذا أَسْلَمَتْ بعد الظَّفَرِ] (?) تكون مَمْلُوكَةً، والمنعُ له رعاية حُكْمِ الشَّرْع، وإذَا أَسْلمت قبله لم يَمْلِكْهَا, ولم يَقْدِرْ على التَّسْلِيمِ، كما في صُورَةِ الموتِ ولْيُعَلَّمْ لما ذكرنَا قوله في الكِتاب: "وَجَبَ البَدَلُ"، وقولُهُ: "ولا [سبيل] (?) إلى تسليمها لِكَافِرٍ" كِلاَهُمَا بالواو. والله أعلم.