وقوله: "وفي مَنْكُوحَتِهِ وَجْهَانِ"، يعني مَنْكُوحَةَ المُسْلِمِ الحربية إذا نكحها في دَارِ الحربِ، والوجهان في اسْتِرقَاقِهَا، واسْتِرْقَاقِ زَوْجَةِ الكافر، إذا أسلم قبل أن يظفر يَجْرِيَانِ على نَسَقٍ وَاحِدٍ، لكنَّ صاحب الكتاب ذَكَرَ الوَجْهَيْنِ في منكوحة المُسْلِمِ، ولم يَنُصَّ عليها في الصورة، واقتصر على الأظهر، فقال: "يجوز اسْتِرْقَاقُ امْرَأَةِ كُلِّ كَافِرٍ أسلم قبل الظَّفَرِ به"، والمواضع المُحْتَاجَةُ إلى العلامات في الفصلِ غير خَافِيَةٍ.

قال الغَزَالِيُّ: والمَسْبِيُّ إِذَا كَانَ علَيهِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَيَقْضِي مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَمْ يَغْنَمْ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ فَإنَّ حَقَّ الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الغَنِيمَةِ إلاَّ إِذَا سَبَقَ الاغْتِنَامُ رِقَّهُ* وَلَوْ وَقَعَا مَعًا فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الغَنِيمَةِ* فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ فَهُوَ في ذِمَّتِهِ إِلَى أنْ يُعْتَقَ* وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ لِحَرْبيِّ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ قَبِلاَ الأَمَانَ وَالدَّيْنُ قَائِمٌ* وَكَذَا لَوْ سَبَقَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إِلَى الإِسْلاَمِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ خَمْرًا* وَهَذَا فِي دَيْن لَزِمَ بِالقَرْضِ وَالمُعَامَلَةِ* فَإنْ كَانَ أَتْلَفَ مَالَ حَرْبِيِّ أَوْ غَصَبَهُ فَلاَ تَبِعَةَ لَهُ بَعْدَ الإسْلاَمِ وَالأَمَانِ عَلَى الصَّحِيح.

قال الرَّافِعِيُّ: إذا كان لِمُسْلِم على حَرْبِيٍّ دَيْنٌ، فاسترقُّ الحَرْبِيُّ لم يَسْقُطِ الدَّيْنُ عنه. وعند أبي حَنِيْفَةَ -رحمه الله-: يسقطُ.

قال الإِمَامُ: وتَشَبَّثَ الخِلاَفِيُّونَ بِمُوَافَقَتِهِ من حَيْثُ إن المُسْتَرَق انْقَلَبَ عما كان عَلَيْهِ، وكأنَّهُ عُدِمَ، ثُمَّ وُجِدَ.

قال: ولا يَلْحَقُ هذا بالمذهب، والمَقْطُوعُ به أَنَّهُ لا يسقط، نعم لو كان الدَّيْنُ للسَّابي، فَسُقُوطُهُ على الوجهين فيما إذا كان له دَيْن على عَبْدِ غيره فَمَلَكَه، وإذا لم يَسْقُطْ، فيقضي من المال المَغْنُومِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ، ويُقَدَّمُ الدَّيْنُ على الغَنِيمَةِ، كما يُقَدَّمُ على الوَصِيَّةِ، وإن زَالَ مِلْكُهُ بالرِّقِّ، كما أَنَّ دَيْنَ المُرْتَدِّ يقضى من ماله.

وإن حَكَمْنَا بزوال مِلْكِهِ، وأيضاً فَالرِّقَّ بمَثَابَةِ المَوْتِ والحَجْرِ، فيوجب تَعَلُّقَ الدُّيُونِ بالمال، وإن غنم المال قبل اسْتِرْقَاقِهِ ملكه الغَانِمُونَ، ولم ينعكس الدَّيْنُ عليه، كما لو انتقل مِلْكُهُ بوجه آخر، وإن غنم مع اسْتِرْقَاقِهِ، ففيه وجهان:

أحدهما: وبه أجاب في "التهذيب": -أَنَّهُ يقضي منه الدَّيْنَ، ويُقَدَّمُ الدَّيْنُ على حَقِّ الغانمين، كما يقَدَّمُ في التَّركَةِ على حُقُوقِ الوَرَثَةِ.

وأظهرهما (?): على ما ذكره صَاحِبُ الكتاب، وأَوْرَدَهُ الإِمام مع شَهَادَتِهِ لِلْوَجْهِ الأَوَّلِ بالاتِّجَاهِ، أنَّ الغَنِيمةَ تَتَقَدَّمُ، ووجه بأن تَمَلُّكَ الغَانِمِينَ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ المَالِ، وحَقُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015