وعن أبي حنيفة أَنَّ الحَرْبِي إذا دخل دَارَ الإِسْلاَمِ، وله أولادٌ صِغَارٌ في دَارِ الحَرْبِ يجوز سَبْيُهُمْ، والحَمْلُ كالمنفصل. وجَوَّزَ أبو حنيفةَ اسْتِرقَاقَ الحَمْلِ تَبَعاً للأُمِّ.
لنا: أَنَّهُ مسلمٌ بإسلام أبيه، فأشبه المُنْفَصِلَ، وهل يُحْرِزُ وَلَدَ ابنه الصغير؟ فيه وجهان:
أظهرهما: نعم كالأَبِ.
والثاني: يُفَارِقُ الأب فيه، كما يُفَارِقُهُ في المِيرَاثِ، ثم عن القَفَّالِ أَنَّهُ قال مَرَّةً: الوجهان فيما إِذا كان الأَبُ مَيِّتًا، وإن كان حَيًّا لم يُحْرزْ الجَدّ وَجْهًا وَاحِداً. وقال أخرى: الوجهان في الصَّغِيرِ الذي أبوه حَيٌّ، فإن كان ميتاً أحرز الجدُّ وَجهًا واحداً.
قال الروياني في "البَحْرِ": هذا هو الصَّحِيحُ عند أصحابنا، والمجانين من الأولاد كالصِّغَارِ، ولو كان قد بَلَغَ عَاقِلاً ثم جُنَّ فهل يُحْرِزُهُ؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم، وهما كوجهين ذَكَرْنَاهُمَا في "باب اللَّقِيط" في أَنَّهُ هل يُحْكَمْ بِإِسْلاَمِهِ، والحالة هذه تَبَعًا، أَو هما هما.
وإذا أَسْلَمَتِ المَرْأَةُ قبل الظَّفَرِ، فَتُحْرِزُ أيضاً نَفْسَها ومَالَهَا وَأوْلاَدَهَا الصغار.
وعن مَالِكٍ: أَنَّها لا تُحْرِزُ الأَوْلاَدَ.
وعن الفُورَانِيِّ: أن للشافعي -رضي الله عنه- قَوْلاً مثله والمَشْهُورُ الأَوَّلُ، وبتقدير أن يثبت قول، فيشبه أن يقال لهما: لا تَسْتَتْبِعُهُمْ في الإِسْلاَمِ على ذلك القَوْلِ ولم يَجْرِ في اللَّقِيطِ حِكَايَةُ خِلاَفٍ فيه.
وأمَّا الأَوْلاَدُ البَالِغُونَ العَاقِلُونَ فلا يُحْرِزُهُمْ إِسْلاَمُ الأب لاسْتِقْلاَلِهِمْ بالإِسْلاَمِ.
إذا تَقَرَّرَتْ هذه الجُمُلُ عُدْنَا إلى صُوَرِ الفَصْل في الكتاب:
إحداها: هل يَعْصِمُ إِسْلاَمُ الكافر قبل الأَسْرِ زَوْجَتَهُ عن الاسْتِرْقَاقِ؟
فيه وجهان، ويقال: قولان: مَنْصُوصٌ، ومُخَرَّجٌ، وذكر الشيخ أبو عَلِيٍّ وآخرون في كيفية خُرُوجِهَا أَنَّهُ نَصَّ على أنه يجوز اسْتِرْقَاقُهَا، ونَصَّ على أنَّ المُسْلِمَ إذا أَعْتَقَ