هذا لو أُسِرَ البَالِغُ وله زَوْجَةٌ، يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ بالأَسْرِ، وينظر إن فَادَاهُ الإِمَامُ، أو مَنَّ عليه استمرت الزَّوْجِيةُ، فإن أَرَقَّهُ ارتفع النِّكَاحُ حينئذٍ.
وإن أُسِرَ صَبِيٌّ، وله زَوجَةْ ارتفع النِّكَاحُ كما أسر.
وإن أُسِرَ كافِرٌ ومعه زوجته وذُرِّيَّتُهُ، فالإِمَامُ بالخِيَارِ في حَقِّهِ، ولا خِيَارَ في حَقِّهِمْ.
وإذا أَسْلَمَ الأَسيرُ بَعْدَ الظَّفَرِ به، فقد عَصَمَ دَمَهُ، ويَتَخَيَّرُ الإِمَامُ في باقي الخِصَالِ، أو يَتَعَيَّنُ فيه الرِّقُّ؟ فيه خلافٌ نَشْرَحُهُ إن شاء الله تعالى في آخر كتاب السِّيَرِ؛ لأنَّهُ تَعَرَّضَ للصورة هناك.
وإن أَسْلَمَ قبل الظَّفَرِ به وَوُقُوعِهِ في الأَسْرِ، فقد حَقَنَ مَالَهُ ودَمَهُ، على ما قال صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: "فَإذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ" ولا فَرْقَ بين أَنْ يُسْلِمَ هو مَحْصُورٌ وقد قَرُبَ الفَتْحُ، وبين أن يُسْلِمَ في حَالِ أَمْنِهِ.
وعن أبي حنيفة: أن إسلاَمَهُ بعد المُحَاصَرَةِ ودُنُوِّ الفَتْحِ لا يَعْصِمُ نَفْسَهُ عن الاسْتِرْقَاقِ، ولا مَالَهُ عن الاغْتِنَامِ، ولا فرق بين مَالٍ ومَالٍ.
وعند أبي حنيفة: إسلامه يُحْرِزُ ما في يَدِهِ الحِسِّيَّةِ من الأَمْوَالِ دون العَقَارَاتِ، ولا فَرْقَ بين أن يَكُونَ في دار الإِسْلاَمِ، أو في دَارِ الحرب.
وقال مالك: إذا أَسْلَمَ في دَارِ الإِسْلاَمِ عَصَمَ مَالَهُ الذي معه في دَارِ الإِسْلاَمِ، دون ما معه في دَارِ الحَرْبِ.
لنا: إِطْلاَق الخَبَر السَّابِقِ، وأيضاً روي أنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قال: إِنَّ القوم إذا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ (?)، ويُحْرِزُ أَيْضًا بإسلامه أَوْلاَدَهُ الصغار عن السَّبْي، ويُحْكَمُ بإسْلاَمِهِم تبَعاً له؛ لما روي أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حَاصَرَ بني قُرَيْظَةَ، فَأسْلَمَ ثعلبةُ وأُسَيْدُ ابنا سُعْيَةَ (?)، فَأحْرَزَ لهما إِسْلاَمُهُمَا أَموَالَهُمَا وأولادهما الصِّغَارَ (?).