وقولُه في الكتاب: "وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَاب آدَابِ الكَسْبِ والتِّجَارَةِ" يَعْنِي من كُتب الإِحْيَاءِ مِنْ رُبْعِ العِبَادَاتِ، والمقصودُ الأحكامُ الظاهِرَةُ للمعامَلاتِ الغالِبَةِ من البيع، والسَّلَم، والإِجَارةِ، وغيرها، ويشتمل على تلك الأَحْكَامِ مختصرات المذْهَبِ، دُون الفُرُوَع النادرة، والمسائِلِ الدَّقِيقة.

قال الغَزَالِيُّ: وَأمَّا السَّلاَمُ فَابْتِدَاؤُهُ سُنَّةٌ والجَوَابُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الوَاحِدِ وَفرْضُ كِفَايَةِ عَلَى الجَمَاعَةِ* وَلاَ يُسَنُّ السَّلاَمُ عَلَى المُصَلي وَمَنْ يَقْضِي حاجَتَهُ وَفِي الحَمَّامِ* وَتَشْمِيتُ العاطِسِ وَجَوَابُهُ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.

قال الرَّافِعِيُّ: في هذه البقيَّة فَصْلاَنِ:

" الفَصْلُ الأوَّلُ في السَّلاَمِ"

ابتداءُ السَّلاَمِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ؛ قال اللهُ تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61] أَيْ: يُسَلِّمُ بعْضُكم على بَعْضٍ، وقال اللهُ تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} [النساء: 86] الآيةَ، وفي الأَخْبَارِ الوارِدَةِ في السلامِ، وإِفْشَائِه كثرةٌ وشُهْرة، وللأمر بالإِفْشَاءِ نقولُ:

لو سَلَّمَ على واحدٍ تعيّن عليه الجوابُ (?)، وإِنْ سَلَّمَ على جَماعَةٍ، فالجوابُ فَرْضٌ على الكِفَايةِ، فإذا أجَابَ واحدٌ منْهُمْ سقط الفَرْضُ عن الباقِينَ وإِنْ أجاب الجمعُ -كانوا مُؤَدِّين للفرْضِ سواءٌ أَجابُوا معاً أو على التعاقُبِ، وإِنِ امْتنع الكُلُّ حَرِجُوا جميعاً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015