الرابعة: ليكن الرمي بشيء خَفِيفٍ تقصد العين بمثله كبُنْدَقَةٍ ومِدْرَى وحَصَاةٍ خفيفة، أما إذا رماه (?) بالنّشابِ، أو رَماهُ بِحَجَرٍ يقتل، فهذا يتعلَّق به القِصَاصُ أو الدية.

نعم لو لم يَتَأَتَّ قصد عينه، أو لم [يَنْزَجِرْ،] (?) فيستغيث عليه ويدفعه بما أَمْكَنَهُ كما تقدم، ولا يقصد رمي غير العين، إذا أمكنه إصابة عينه، وإن لم يمكنه، فَرَمَى إلى مَوْضِعٍ آخر ففي "التهذيب" حكاية وجهين فيه، ونقل أنه لو أصاب مَوْضِعًا بعيدًا من عَيْنِهِ، بلا قصد هل يضمن؟ فيه وجهان:

الأصح: أنه لا يضمن.

والأشبه: ما ذكره القاضي الروياني في "جمع الجوامع"، وهو أنه إن رَماهُ، فأصاب غير العَيْنِ، فإن كان بَعِيداً لا يخطأ من العَيْنُ إليه ضمن، وإن كان قريبًا يخطأ إليه لم يَضْمَنْ.

الخامسة: إن كان للناظر محرم في الدَّارِ، أو زوجة أو مَتاعٌ، لم يجز قصد عينه؛ لأن له في النظر شُبْهَةً.

وفي "أمالي" أبي الفرج السَّرَخْسِيِّ وَجْهٌ: أنه لا [يكفي] أن يكون له في الدَّارِ محرم، وإنما يمتنع قَصْدُ عَيْنِهِ، إذا لم يكن في الدار إلا مَحَارِمُه، والمشهور الأول.

ولو كان الناظر مَحْرَمًا لحرم صاحب الدار، فلا قَصْدَ، إلا أن تكون متجردة، إذ ليس لِلْمَحْرِمِ النظر إلى ما بين السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ، ولو لم يكن في الدار حَرَمٌ بأن كان فيها المَالِكُ وحده، فإن كان مكشوف العَوْرَةِ، فله الرَّمْيُ ولا ضمان. وإلا فوجهان:

أظهرهما -وهو المذكور في "الشامل": أنه لا يجوز رَمْيُ الناظر.

ووجه الثاني: أن من الأحوال ما هو كالعَوْرَةِ لا يجوز الاطِّلاعُ عليه، ولو كانت الحَرَمُ في الدار مُسْتَتِراتٌ بالثياب، أو كن في بيت، أو منعطف لا يمتد النَّظَرُ إليهن، فهل يجوز قَصْدُ عينه؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه لا يطلع على شيء.

وأظهرهما: الجَوَازُ؛ لأن الأخبار مُطلَقَةٌ، وأيضًا فقد يريد ستر حَرَمِهِ عن نَظَرِ الناس، وإن كن مُسْتَتِراتٍ، وأيضًا الحرم في الدار لا يدري متى يستترن وَيَنْكَشِفْنَ، فالاحتياط حسم باب النظر.

السادسة: لو كان باب الدار مَفْتُوحاً، فنظر منه أو نظر من كُوَّةٍ واسِعَةٍ أو من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015