وإن قلنا: تُوَزَّعُ الدِّيَةُ على عَدَدِ السِّيَاطِ، فيسقط أربعون جزءاً من إحدى وثمانين جُزْءاً من الدية، ويجب جزء منها على الجلاد، وأربعون على الإِمام. فهذه ثلاثة أوجه.
وفي "النهاية" حِكَايَةُ وجه رَابعٍ، وهو أنه يَسْقُطُ نِصفُ الدية، ويُوَّزعُ نِصْفُهَا على أحد وأربعين جُزْءاً؛ منها واحد على الجلاد، وأربعون على الإِمام.
قال الإِمام: وهذا جَمْعٌ بين التَّنْصِيفِ، واعتبار عَدَدِ الجَلَدَاتِ، وفيه اختلاط. وأما لفظ الكتاب فقد قَدَّمْنَا بعض صُوَرِهِ، وأَخَّرْنَا بَعْضاً؛ لحاجة الشرح إليه. ويجوز أن يُعْلَمَ قوله: "فَمَضْمُون نصفه" بالواو؛ لما علمت أن القول بِوُجُوبِ النصف مَبْنِيٌّ على أنه لو اقْتَصَرَ على أربعين جَلْدَةً فمات، لم يضمن.
أما إذا قلنا: إنه يضمن، وقلنا: الواجب كُلُّ الضَّمَانِ، ففي [الثمانين] (?) أَوْلَى أن يَكون كذلك.
ويجوز أن يُعْلَمَ بالحاء والميم؛ لما سَبَقَ أن الحَدَّ عندهما ثَمَانُونَ، وحينئذ فالهَلاَكُ المُتَوَلِّدُ منه لا يكون مَضْمُوناً أَصْلاً.
وقوله: "فمَضْمُونٌ نصْفُهُ" معناه: أنه مضمون بِنِصْفِ الضمان؛ لأنه نصفه مضمون، ونصفه مُهْدَرٌ.
ويجوز أن يُعَادَ إعلامه بالحاء والميم على قوله: "يضمن نِصْفه" وقوله: "جزء من واحِدٍ وأربعين جُزْءاً" فيما إذا مات بإحدى وأربعين جَلْدَةً؛ لَما بَيَّنَّا.
وأن يعلم قوله: "على أظهر القولين" بالواو، ولأن القاضي ابن كَجٍّ حكى طريقةً قاطعةً؛ بأنه لا ضَمَانَ في الموت من الأربعين.
قال الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا اَلاسْتِصْلاحُ) فَهُوَ بِقَطْعِ سِلْعَةٍ أَوْ خِتَانٍ، وَيَجُوزُ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ نَفْسِهِ سِلْعَةً إِنْ لَمْ يَكُن فِيها خَطَرٌ لإِزَالَةِ شَيْنٍ، وإنْ كَانَ خَطَرٌ لَمْ يَجُزْ لِلشَّيْنِ، وَيَجُوزُ لِخَوْفِ الهَلاَكِ إِنْ كَانَ القَطْعُ أَرْجَى لِلسَّلاَمَةِ بِالظَّنِّ الغَالِبِ، فَإِنْ تَسَاوَى خَطَرُ التَّرْكِ وَالقَطْعِ فَوَجْهَانِ، وَمَنْ به أَلَم لاَ يُطِيقُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُهْلِكَ نَفْسَه إِلاَّ أَنْ يَقَعَ فِي نَارٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَنْجُو مِنْهُ إِلاَّ بِإغْرَاقِ نَفْسِهِ وَالغَرَقُ مُهْلِكٌ، فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى الأَصَحِّ، وَللْأَبِ أَنْ يَقْطَعَ مِنَ الصَّغِيرِ مَا لِلعَاقِلِ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ ذَلِكَ، كمَا لَيْسَ لَهُ الإِجْبَارُ فِي النِّكَاحِ، نَعَمْ لِلسُّلْطَانِ فَصْدُ الصَّغِيرِ وَحِجَامَتُهُ وَمَا لاَ خَطَرَ فِيهِ، فَاِنْ سَرَى مَا لَمْ يَجْزُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ في خَاصِّ مَالِهِ لاَ عَلَى العَاقِلَةِ، وَفِي القَوَدِ قَوْلاَن، وَحَيْثُ يَجُوزُ القَطْعُ فَلاَ