إن قلنا: نعم، فكذلك هاهنا، وفي كتاب القاضي ابن كَجٍّ أن أبا حَفْصِ بن الوَكِيلِ، وعبد الله بن محمد القزويني [أَثْبَتَا] (?) للشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قولين في وجوب جميع الضَّمَانِ في هذه الصورة.

فإن قلنا: يجب ضَمَانُ ما زاد على أربعين؛ لأنه مَبْنِيٌّ على الرأي والاجتهاد، كالتعزير ففي قَدْرِهِ قولان:

أحدهما: النصف؛ لأنه تَلِفَ من مَضمُونٍ، وغير مضمون، فصار كما إذا جَرَحَ نفسه جِرَاحَةً، وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ جِرَاحَاتٍ فمات منهما يجب نِصْفُ الدِّيَةِ.

والثاني: أن الضمان [يُقَسَّطُ] (?) على عَدَدِ السِّيَاطِ، وكلام الأئمة إلى تَرْجِيحِ هذا القول أَمْيَلُ، وفرقوا بين السِّيَاطِ والجِرَاحَاتِ؛ بأن السِّيَاطَ تقع على ظاهر البَدَنِ، فتكون متقاربة، والجِرَاحَاتُ تُؤَثِّرُ في الباطن، وَمَكَانَتُهَا مختلفة لا تكاد تُضْبَطُ، وعلى هذا، فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ على أحد وأربعين جُزْءاً، فيسقط منها أربعون، ويجب جُزْءٌ واحد، وإن ضرب اثنين وأربعين، فمات، فيوزع على اثنين وأربعين، وعلى هذا القِيَاسُ، حتى إذا ضُرِبَ ثمانين، ومات منها التقى القولان، وكان الوَاجِبُ نِصْفَ الدية.

ومن جُلِدَ في القَذْفِ إحدى وثمانين جَلْدَةً، فمات منها، فالضَّمَانُ الواجب نِصْفُ الدية، أو جزء من إحدى وثمانين جزء منها؛ توزيعاً على السِّيَاطِ؟ فيه القولان:

ثم إن كانت الزيادة من الجَلاَّدِ، ولم يَأْمُر الإِمام بذلك، فالضَّمَانُ على اختلاف القَوْلينِ على الجَلاَّدِ. وإن أَمَرَ الإِمام بذلك، فالضَّمَانُ يتعلق بالإمام وكذا لو قال الإِمام: اضْرِبْ وأنا أَعُدُّ فَغَلِطَ في العَدَدِ حتى زاد على الثمانين، ولو أن الإمَامَ أمر بثمانين في الشُّرْب، فزاد الجَلاَّدُ جَلْدَةً واحدة، ومات المَحْدُودُ، فيبنى على أنَ الضَّمَانَ يُوَزَّعُ على نَوْعَيِ الجَلْدِ المضمون وغير المضمون، أو على عَدَدِ السياط؟ فإن قلنا بالأول فوجهان:

أحدهما: أنه يسقط شَطْرُ الدِّيَةِ، ويجب الشَّطْرُ على الجَلاَّدِ والإمام بالسَّوِيَّةِ؛ لأنه مات من مَضْمُونِ وغير مضمون، فَسَقَطَ حِصَّةُ غير المضمون، والمضمون وُجِدَ من شخصين، فَتُوَزَّعُ حِصَّتُهُ عليهما.

والثاني: أنه يسقط ثُلُثُ الدِّيَةِ، ويجب ثُلُثَاهَا عليهما بالسَّوِيَّةِ؛ لأنه مات من ثلاثة أنواع: من ضرب وَاجِبٍ، وجائز، ومحرم (?)، فتسقطُ حِصَّةُ الواجب، وتجب حِصَّةُ الآخرين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015