وعن أَحْمَدَ: أنه لا يُقْطَعُ حتى يُقِرَّ مرتين.
ثم في الفصل مسألتان:
إحداهما: لا يُقْطَعُ بالإقْرَارِ إلا إذا أَصَرَّ عليه، فإن رَجَعَ، ففيه طريقان:
أظهرهما: أنه لا يقبل رُجُوعُهُ عن الإِقْرَارِ [في حق] (?) المال، وفي القَطْعِ وجهان، ويقال: قولان:
أحدهما: أنه لا يقبل أَيضاً؛ لأن قَطْعَ السَّرِقَةِ مُرْتَبِطٌ بِحَقِّ الآدَميِّ؛ لأنه أثبت عِصْمَةً لماله، والرجوع عن الإِقْرَارِ في حَقِّ الآدَمِيِّ لا يُقْبَلُ.
وأصحهما: أنه يقبل، ويسقط القَطْعُ إذا رجع كما يَسْقُطُ حَدُّ الزنا بالرجوع.
ويروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتي بسَارِقٍ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَاْ إِخَالُكَ سَرَقْتَ"، فَقَالَ: بَلَى سَرَقْتُ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ" (?).
ولولا أن الرُّجُوعَ مَقْبُول لما كان لِلْحَثِّ عليه مَعْنى وفَائِدَةً.
والطريق الثاني: أنه يُقْبَلُ رُجُوعُهُ في القَطْعِ، وفي الغُرْمِ قولان، أو وجهان:
أظهرهما: المَنْعُ، كما لو رجع عن الإِقْرَارِ بالغَصْبِ.
والثاني: يقبل؛ لأنه إِقْرارٌ وَاحِدٌ، فإذا قبلنا الرُّجُوعَ في بَعْضِ أحكامه، فكذلك في الباقي. فإذا قلنا (?) [بِسُقُوط] القَطْعِ بالرجوع، وهوِ الأصَحُّ [فلو] (?) رجع بعدما قُطِعَ [بعض اليد] (?) تُرِكَ الباقي، فإن كان يُرْجَى أن يَبْرَأ، فذاك، وإلا فللمقطوع أن يَقْطَعَ الباقي لئلا يَتَأَذَّى به، ولا يلزم السُّلْطَان ذلك، فإنه [تَدَاوٍ] (?).
ولو أَقَرَّ اثنان بِسَرِقَةِ نِصَابَيْنِ، ثم رجع أحدهما [سقط] القَطْعُ عن الرَّاجِعِ دون الآخر.