على ما نشاهدُها مقطوعةٌ أو يشترط تنصيصهم؟ يجوز أن يقدَّر فيه خلاف، ولو شهد الشهود بمُوضِحَةٍ شهادةً صريحةً، وعَايَنَّا رأس المَشْجُوج سليماً لا أَثَر عليه، والعهْدُ قريب، فالشهادة مردودةٌ. وقوله في الكتاب: ["لم يكن] (?) ما لم يَشْهَدُوا على القتل" أعلم بالواو، ولما نقله الإمام عن طريق العراقيين، وأقامه وجهًا في "الوسيط".

وقوله "ولو قال: أوضَحَ رأْسَهُ، لم يكفه ما لم يتعرَّض للجراحة": وَجْهُ التعرُّض للجراحةِ هو وجْهُ التعرّض لوضوح العظْم، فإنَّ الأيضاح من حيث اللفْظُ يحْصُل برفع العمامة عن الرأْس، وقضيَّتُه أن يقال: لا يكْفِي أيضاً.

وقوله "ضرب رأسه بالسيف" فأوضَحَه؛ لأنه قد يضربه فَيُلْقِي عمامته بلا جرح، ويكون الحاصل ايضاحاً. وقوله "فإن عجزوا" يعني الشهود.

وقوله "سقط القصاص" أي لم يَثْبُت، [والله أعلم].

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أنَّهُ قُتِلَ بِالسِّحْرِ لَمْ يُقْبَلْ لأَنَّ ذَلِكَ لاَ يُشَاهَدُ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَمْرَضَهُ بِالسِّحْرِ وَلَكِنْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَهَذَا لَوْثٌ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لاَ لَوْثَ فَإِنَّ اللَّوْثَ فِي تَعْيِينِ القَاتِلِ لاَ فِي نَفْسِ القَتْلِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ؛ السَّحْر له حقيقة، وقد يأتي الساحِرْ بفعْلٍ أو قولٍ يتغير به حالُ المسحُور، فيمرض، ويموت منه، وقد يكون ذلك بوصول شيْء إلى بدَنه من دخان وغيره، وقد يكون دونَهُ.

وعن أبي جَعْفَر الأستراباذيِّ من أصحابنا: أن السحر لا حقيقة له إنَّما هو تخيُّلٌ.

وحكى "صاحب الشامل" عن أصحاب أبي حنيفة: أنه إن وصل بفعْلِ الساحر شيْءٌ إلى بدَنِ المسحور، جازَ أن يحْصُلَ منه أثر، وإلاَّ، فلا يجوز، والمشهور الأول، وعليه عامة العلماء؛ يدل عليه قوله تعالى {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102] وفي القصة المشهورة أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سُحِرَ حَتَّى يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ" (?)، وفيه نزلت المعوِّذَتان.

ويحْرُم فعل السحر بالإجماع، ومَنِ اعتقد إباحته، فهو كافر ويُرْوَى أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَحَرَ أَو سُحِرَ لَهُ، أوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015