- تفريعاً على القديم أنه لو سَبَقَهُ البَوْل فخرج واسْتَتَّم الباقي لم يضر ذلك: لأن طهارته [فيها] (?) قد بطلت بما سبق، ولم تتأثر الصَّلاة به، فالبول بعده يَطْرَأ على طهارةٍ باطلةٍ فلا يؤثر.
وقال إمام الحرمين: تبطل صلاته بما فعله إذا أمكنه التماسك؛ لأن الفعل الكثير يبطل صلاته إذا كان مستغنىً عنه، فكذلك الحدث إذا كان مختاراً فيه، وهذا هو الذي أورده في الكتاب، فقال: ولا يحدث عمداً، والذي أورده الجمهور هو الأول، ونقل صاحب "البيان" هذه الصورة وحكمهما عن النص، قال: واختلفوا في المعنى، فمنهم من علل بحاجته إلى إخراج البقية، ومنهم من علل بأن الطهارة قد بطلت بالقدر الذي سبقه فلا أثر لما بعده، فعلى الأول لا يجوز أن يحدث حدثاً آخر مستأنفاً، وعلى الثاني يجوز، ولا يخفى أن جميع ما ذكرناه في "طهارة الرفاهية" فأما صاحب طهارة الضرورة كالمستحاضة فلا أثر لحدثه المتجدد، لا عند الشروع، ولا في أثناء الصلاة.
قال الغزالي: وَيَجْرِي هَذَا القَوْلُ في دَفْعِ كُلِّ مُنَاقِضٍ لاَ تَقْصِيرَ مِنْهُ فِيهِ كَمَا إِذَا انْحَلَّ إِزَارُهُ فَرَدَّهُ، وَكَمَا لَوْ وقع عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ فَدَفَعَهَا فِي الحَالِ، وَانْقِضَاءُ مُدَّةِ المَسْحِ مَنْسُوبٌ إلَى تَقْصِيرِهِ، وَفِي تَخَرُّقِ الخُفِّ تَرَدُّدٌ، لِتَقْصِيرِهِ بِالذُّهُولِ عَنْهُ.
قال الرافعي: ما سوى الحدث من الأسباب المناقضة للصلاة إذا طرأت في الصلاة باختياره بَطلت صلاتُه، كما لو أحدث باختياره، وكل ما يبطل الصَّلاة إذا طَرأ باختياره يبطلها أيضاً إذا طَرأ لا باختياره، لكن إذا كان منتسباً فيه إلى تقصير؛ كما لو كان ماسحاً على الخف، فانقضت مدة مسحه في أثناء الصلاة، واحتاج في ذلك إلى غسل القدمين، أو استئناف الوضوء فتبطل صلاتُه، ولا يخرج على قول سبق الحدثِ، لأنه مُقَصِّرٌ بإيقاع الصَّلاة في الوقت الذي تنقضي مدّة المَسْح في أثنائها، فأشبه المختار في الحدث.
وقضية هذا أن يقال: لو شرع في الصَّلاَةِ على مُدَافَعَةِ الأَخْبَثَيْنِ وهو يعلم أنه لا تبقى له قوة التماسك في أثنائها، ووقع ما علمه تبطل صَلاتُه لا محالة، ولا يخرج على القولين، ولو تَخَّرَق خُفَّ الماسِحِ في صلاته، وظهر شىِء من محل الفرض، فوجهان:
أحدهما: أنه تبطل الصَّلاة بلا خلافٍ، لأنه مقصر من حيث ذَهَل عن الخُفّ، ولم يتعهده ليعرف قوته وضعفه، فأشبه انقضاء المدة.
وأظهرهما: أنه على قَولَيْ سَبْقِ الحدث؛ لأن الإنسان لا يتعهد الخف كل ساعة،