وَلْيُعِد الصَّلاَةَ" (?) وبهذا قال أَحْمَدُ، ويروى عن مالك أيضاً.
والقديم: وبه قال أبو حنيفة، أنها لا تبطل؛ بل يتوضأ، ويبنى على صلاته، وهو أشهر الروايتين عن مالك، لِمَا رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمْذَى فِي صَلاَتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ، وَلْيَتَوضَّأ، وَلَيَبْنِ عَلَى صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ" (?)، وليس المراد ما إذا فعل ذلك باختياره بالإجماع، فيتعين السبق مرادًا [فإذا] (?) فرعنا على القديم، فلا فرق بين الحدث الأصغر والأكبر، كما إذا غلب عليه النوم في صلاته فاحتلم، فإنه يغتسل ويبني.
وقال أبو جنيفة: تبطل صلاته هاهنا، وكيف يبني؟ أيعود إلى الركن الذي سبقه الحدث فيه أم يشتغل بما بعده؟ قال الصيدلاني: لو سبقه الحدث في الركوع فيعود إلى الركوع لا يجزئه غيره.
قال: ووافقنا أبو حنيفة فيه، وفصل إمام الحرمين فقال: إن سبقه الحدث قبل أن يطمئن في ركوعه فلا بد من العود إليه، وإن كان بعد أن يطمئن فالظاهر أنه لا يعود إليه؛ لأن ركوعه قد تم في الطهارة، وهذا التفصيل هو الذي أورده المصنف في "الوسيط"؛ فيجوز أن يجري كلام الصيدلاني على إطلاقه، ويقال: لا بد من العود إليه، وإن اطمأن قبل الحدث لينتقل منه إلى الركن الذي بعده فإن الانتقال من الركن إلى الركن واجب، وقد قدمنا له نظائر.
ويجب على المصلي إذا سبقه الحدث وأراد أن يتوضأ ويبني أن يسعى في تقريب الزمان، وتقليل الأفعال بحسب الإمكان، فليس له أن يعود إلى الموضع الذي كان يصلي فيه بعد ما تطهر إن كان يقدر على الصلاة في موضع أقرب منه إلا إذا كان إماماً لم يستخلف، أو مأموماً يبغي فضيلة الجماعة، فهما معذوران في العود إليه، ذكره في "التتمة" وما لا يستغنى عنه من السعي إلى الماء والاستسقاء وما أشبه ذلك، فلا بأس به، ولا يؤمر بالعود والبدار الخارج عن الاقتصاد، ويشترط أن لا يتكلم على ما ورد في الخبر إلا إذا احتاج إليه في تَحْصِيل الْمَاء، وهل يشترط أن يمتنع عن أسْبَابِ الحَدَثْ عَمْدًا إلى أن يتوضأ؟ حكى أصحابنا العراقيون وغيرهم عن نص الشافعي -رضي الله عنه