في الطَّرَف وفي الحامل أيضاً الظاهرُ أنها لا تُطالَبُ بالدية، ولو كانتِ العليا مستَحقَّةَ القَطْعِ بالقصاص فتوقع القصاص في الوسْطَى بين التوقع في صورة المجنون والتوقع في صورة الصبيِّ والحمْل؛ لأن استيفاء القصاصِ يُرْتَقَب ويُنْتظر بخلاف الإفاقة من المجنون، لكن ليس له أمدٌ معلومٌ بخلاف زوال الصبا ووضع الحَمْل، والذي رجَّحوه، وإن كانت العليا مستَحَقَّةً بالقصاص؛ أنه لا يطالبه بأرْشِ الوسطَى من غير عفْوٍ، ومن صور استحقاق العلْيا بالقصاص ما نَصَّ عليه في "المختصر" وهو أن تقطع الأنملةَ العلْيا منْ إنسانٍ، والوسْطَى من آخر، وهو فاقدٌ للعليا، فلصاحب العلْيا القصاص فيها أولاً، وإن كان قطعه لاحقاً، فإن جاء طالبا للقصاص، اقتص ويُمَكَّنُ مُستحِقُّ القصاصِ من الوسطى استيفائه، قال أبو بكر الطوسي: ولو اتفقا على وضْع الحديدة على مفْصِل الوسطَىئ، واستوفيا الأنملتَيْنِ بقطعةٍ واحدةٍ، جاز وقد هَوَّنَا الأمر علَيْه، وإن لم يطلب صاحب العلْيا القصاصَ، صبر صاحب الوسطَى، أو عفا كما ذكرناه.

وقوله في الكتاب: "فإن سقطت علْيا الجانِي بآفة أو جناية استُوفِيَتِ الوسطَى" ليُرَقَّمْ بالحاء؛ لما سبق، وبالواو؛ ولأن الشيخ أبا محمَّد في آخرين حَكَوْا أن القفَّال تردَّد في استيفاء (?) الوسطَى، وأن أكثر ميْلِهِ إلى أنَّها لا تستوفى؛ لأن الجناية جرَتْ، والقصاص غير ممكنٍ حالة جريانها، وأنه لو كانتِ العليا مستحَقَّةً بالقصاصِ عند الجناية على الوسطَى، فليس ذلك موْضِعَ ذلك التردُّد، ولأن المستَحقَّة كالملقوطة.

وقوله: "هل يُطَالَبَ له بأرش للحيلولة" أي هل يُطالَبُ الجانِي، وكذلك هو في بعض النسخ.

وقوله: "لأن أمد الحمل قريب" هذا يختلف؛ فقد يكون الباقي من مدَّة الحمل أكْبَرَ مِنَ الباقِي من مدة الصبيِّ إلا أن يريد أن مدَّة الحَمْل أقصرُ من مدة الصِّبَا.

فرْعٌ: قطع الأنملة العليا من أُصْبُع إنسان، والعليا والوسطى من تلْك الأصبع من آخر، نُظِرَ إن سبق قطع الأنملتين، فلِمَقطوع الأنملتين أن يقتصَّ، ويأخذ الآخرُ أرْشَ العليا، وإن سبق قطْعُ الأنملة، فلصاحبها أن يقتص، ثم الآخر يتخيَّر بين أن يقطع الوسطَى، ويأخذ دية العليا، وبين أن يعفو، ويأخذ دية الأنملتين ولو بادَرَ صاحبُ الأنملتين، فقطعهما، كان مستوفياً لحقِّه، ويأخُذ الآخر ديةَ العلْيا من الجانِي، والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَرْعٌ: لَوْ قَدَّ مَلْفُوفًا فِي ثَوْبٍ بِنِصْفَيْنِ فَادَّعَى مَوْتَةُ فَالأَصْلُ عَدَمُ القِصَاصِ مِنْ جَانِبِهِ وَاسْتِمْرَارُ الحَيَاةِ مِنْ جَانِبِ المَلْفُوفِ فَيُخَرَّجُ التَّصْدِيقُ عَلَى تَقَابُلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015