حيث قال: لا يجب، بل يكفي أن يصير إلى الجلوس أقرب، وربما قال أصحاب أبي حنيفة: يكفي أن يصير إلى الجلوس أقرب، وربما قال أصحاب أبي حنيفة (?): يكفي أن يرفع رأسه قدر ما يمر السيف عرضاً، بين جبهته وبين الأرض.

لنا قوله -صلى الله عليه وسلم- في خبر المسيء صلاته. "ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ جَالِسًا، ثمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً" (?).

ويجب فيه الطمأنينة؛ لأنه قد روي في بعض الروايات: "ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً".

وينبغي ألاّ يقصد بالارتفاع شيئاً آخر، وأن لا يطول الجلوس كما ذكرنا في الاعتدال عن الركوع، والسنة أن يرفع رأسه مكبراً؛ لما تقدم من الخبر، وكيف يجلس؟ المشهور، وهو الذي ذكره في الكتاب أنه يجلس مفترشاً؛ لما روي عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- في وصفه صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- "فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الأُولَى ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ عَلَيْهَا" (?)، وحكى قول آخر أنه يضجع قدميه، ويجلس على صدرهما، ويروى ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- فليعلم قوله: (مفترشًا) بالواو (?) لذلك؛ وبالميم أيضاً؛ لأن أصحابنا حكوا عن مالك: أنه أمر بالتورك في جميع جلسات الصلاة، ويضع يديه على فخذيه قريباً من ركبتيه منشورة الأصابع.

قال في "النهاية": ولو انعطف أطرافها على الركبة فلا بأس؛ ولو تركها على الأرض من جانبي فخذيه كان كإرسالها في القيام، ويقول في جلوسه: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ، واجْبُرْنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي". وقال أبو حنيفة: لا يسن فيه ذكر.

لنا ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول ذلك، ويروي: "وَارْحَمنِي" بدل قوله: "وَاجْبُرْنِي".

قال الغزالي: ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَةً أُخْرَى مِثْلَهَا، ثُمَّ يَجْلِسُ جَلْسَةً خَفِيْفَةً لِلْاسْترَاحَةِ، ثُمَّ يَقُومُ مُكَبِّراً وَاضِعاً يَدَيْه علَى الأَرْضِ كَمَا يَضَعُ العَاجِنُ.

مضمون الفصل مسألتان:

إحداهما: أنه يسجد السجدة الثانية بعد الجلسة السجدة الأولى، في واجباتها، ومندوباتها بلا فرق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015