وللمنفرد ماذا؟ يعود كله هاهنا، ويستحب للمنفرد أن يجتهد في الدعاء في سجوده، ويضع الساجد الأنف مع الجبهة مكشوفاً؛ لما روي عن أبي حميد قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا سَجَدَ مَكَّنَ أنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنَ الأرْضِ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْه حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ".

وبجوز أن يعلم قوله: (ويضع الأنف) بالألف؛ لأنه معدود من السنن، وقد قدمنا (?) أن إحدى الروايتين عن أحمد أن الجمع بين وضع الأنف والجبهة واجب، ويستحب له أن يفرق بين ركبتيه وبين مرفقيه وجنبيه، وبين بطنه وفخذيه.

أما التفريق بين الركبتين فمنقول عن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأخبار، وأما بين المرفقين والجنبين، فقد رواه أبو حميد كما سبق، وأما بين البطن والفخذين فقد روي عن البراء -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه الجملة يعبر عنها بالتخوية (?) وهو ترك الخواء بين الأعضاء، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ إِذَا سَجَدَ خَوَّى فِي سُجُودِهِ" (?). والمرأة لا تفعل ذلك، بل تضم بعضها إلى بعضٍ فإنه أستر لها، ويضع يديه بإزاء منكبيه؛ لما سبق من حديث أبي حميد، ولتكن الأصابع منشورة، ومضمومة مستطيلة في جهة القبلة؛ لما روي عن وائل بن حجر -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كَانَ إِذَا سَجَدَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ" (?).

قال الأئمة: وسنة أصابع اليدين إذا كانت منشورة في جميع الصلاة التفريج، المقتصد، إلا في حالة السجود، وينبغي أن لا يفرش زراعيه، بل يرفعهما، وأما أصابع القدمين فيوجهها إلى القبلة، وينصب قدميه، وتوجيهها إلى القبلة إنما يحصل بالتحامل عليها، والاعتماد على بطونها.

وقال في "النهاية": الذي صححه الأئمة، أنه يضع أطراف الأصابع على الأرض من غير تحامل، والأول أظهر، والله أعلم.

قال الغزالي: ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا (ح) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَطْمَئِنَّ، وَيَضَعُ يَدَيْهِ قرِيباً مِنْ رُكْبَتَيهِ مَنْشُورَةَ الأَصَابعِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ليَ واجْبُرْنِي وَعَافِني وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي.

قال الرافعي: يجب أن يعتدل جالساً بين السجدتين، خلافاً لأبي حنيفة، ومالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015