أحدها: أنَّ الرجوع فيها إلى العَادَة، وتختلف العَادَةُ باختلاف الأحوال والبلاد، وهذا ما أورده صاحب "التتمة" وغيره.
والثاني: عن القاضي الحُسَيْن: أن الموسر مَنْ يزيد دخله على خرجه، والمُعْسِر من يزيد خرجه على دخله، والمتوسِّط من يستوي دخله وخرجه، وهذا والأول ما أورده صاحب "التهذيب" والثالث عن "الحاوي": أن النَّظَر في هذه المراتب في باب النفقة إلى الكَسْب؛ فَمَنْ يَقْدِر على نفقة المُوسِرِين في حقِّ نَفْسِه وحق من في نفقته من كسبه، لا من أصْل ماله، فهو موسر، ومَنْ لا يَقْدِر على أن يُنْفِقَ مِنْ كسبه، فهو مُعْسِر، والمتوسِّط هو الذي يَقْدِر عَلَى أن ينفق من كسبه نفقةَ المتوسِّطين.
وأحْسَنُها، وهو الذي أورده الإِمام وصاحب الكتاب: أن من لا يملك من المال شيئاً أصلاً، أو يملك من المال مالاً يُخْرِجه عن استحقاق سَهْم المساكِين، فهو مُعْسر، فإنْ مَلَك ما يُخْرِجه عن استحقاق سهم المساكِين؛ فإن كان لا يتأثَّر بتكليف المدين، فهو موسر، وإن كان يتأثر؛ بأن يرجع إلى حد المسكنة أو كُلِّف بدَيْنٍ، فهو متوسِّط، ولا بد في ذلك من النظر إلى الرُّخْص والغَلاَء.
والقُدْرة على الكَسْب الواسع لا يخرجه عن حدِّ الإعسار في النفقة، وإن كانت تخرجه عن استحقاق سهم المساكين (?). يُنْظَر في اليسار والإعسار إلى وقت طلوع الفجر، وهو الوقت الذي يجب فيه تَسْلِيم النفقة، فإن كان مُوسِراً حينئذ، فعليه نفقة الموسرين لذلك اليوم، وإن أعسر في أثناء النهار. وإن كان معسراً، لم يلزمْه إلاَّ نفقةُ المُعْسِرِين، وإن أيْسَرَ بعده، ذكَره في "التهذيب".
وإذا كان الزَّوْج عبداً، فلَيْس عليه إلا نَفَقَةُ المُعْسِرين، وكذلك المكاتَبُ، وإن كثر ماله؛ [لأنه غير أمِّ المِلْك، وفيمن بعْضُه حرٌّ وبعضه رقيقٌ وجهان:
أصحُّهما: أنَّه ليْسَ عليه إلا نفقةَ المُعْسرين؛ لنقصان (?) حاله، وإن كثر ماله] ببعض الحر.