بولدٍ لزمانٍ يُمْكِن أن يكون من الثَّاني، وجاء المفقود، ولم يَدَّعِ الولد، فهو للثاني؛ لأنَّ بِمُضِيِّ أربع سنين يتحقَّق فراغ الرَّحِم من المفقود، وإن ادعاه، فوجهان:

أظهرهما: أنه يُسْأل عن جهة ادعائه، فإن قال: إنه ولَدِي؛ لأن زوْجَتي ولدته على فراشِي، بيَّنَّا له بطلان هذه الجهة، وقلنا له: إن الولد لا يبقى في الرحم هذه المدة؛ وإن قال: قدِمْتُ عليها في خلال هذه المدة وأصبتها، وكان ما يقوله مُمْكناً، فيُعْرض الوَلَدُ على القائف، والثاني: أنه يُعْرض على القائف، من غير بحث واستفصال، وفي "البحر" أن هذين الوجهين أُخِذَا من وجهَيْن نُقِلَا في أن هذه المرأة لو أتَتْ بولدٍ من غير أن يتزوَّج، هل يُلْحق بالمفقود؟ إن قلنا: نعم، فلا حاجة إلى الاستفصال، وإن قلنا: لا، وهو الظاهر، فلا بد منه، وعن أبي حنيفة: يُلْحَق الولد بالأول، ادَّعاه أو لم يدعه، وإن طالت المدة، وحيث قلْنا: الولد للثاني، وحكَمْنا ببقاء نكاح المفقود، فله منعها من إرضاع الوَلَدِ إلا اللبن الذي لا يعيش إلا به، وكذا إذا لم يكن بُدٌّ من الارضاع، ولم يوجد غيْرُها، ثم إن لم تخرج من بيت الزوج، وأرضعته فيه، ولم يقع خَلَلٌ من التمكين، فعلى الزوج نفقتها، قال في "الشامل": سواء وجَبَ عليها الإرضاع أو لم يجب، وإن خرَجَتْ للإرضاع بغير إذنه، سقَطَتْ نفقتها، وإنْ خَرَجَتْ بإذنه، فوجهان، كما لو سافرت في حاجتها بإذنه، وإن كان الإرضاع واجباً، فعليه أن يأذن.

ومنْها، إذا نكَحَتْ زوجاً آخر بعْد العدَّةِ والحكم بالفُرْقة، ودخل بها، ثم عُرِف أن الأول كان حيًّا وقت نكاحه، وأنه مات بَعْد ذلك كلِّهَ، فإن قلنا بحصول الفُرْقة ظاهراً وباطناً، فهي زوْجة الثاني، وبموت الأول، لا يلزمها عدَّة، وإن قلنا: لم تَحْصُل الفرقة أو لم تحْصُل إلا ظاهراً، فعليها عدَّة الوفاة عن الأوَّل، ولكنْ لا تشرع فيها، وهي فراش للثاني حتَّى يموت الثاني أو يفرق بينه وبينها، وحينئذ، فتعتد للأول عدَّة الوفاة، ثم تعتد عن الثاني ثلاثة أقراء أو ثلاثة أشهر، ولا تتداخل العدتان؛ فإنهما لشخصَيْن، وإن مات الثاني أَوَّلًا أو فرق بينهما، شَرَعَتْ في الأقراء، فإن تمَّت الأقراء، ثم مات الأوَّل، اعْتدَّت عن الأول عدَّةَ الوفاة، وإن مات الأول قَبْل تمام الأقراء، فأظهر الوجهَيْنِ: أن الأقراء تنقطع، فتَعْتَدُّ عن الأول عدَّة الوفاة، ثم تعود إلى بقية الأقراء، والثاني أنها تُقَدِّم ما شرَعَتْ فيه أَوَّلاً وإن ماتا معاً، أو لم يعلم، هل سبق مَوْتُ أحدهما موْتَ الآخر أو عُلِمَ سبْقُ موتِ أحدِهِما، ولم يُعْلَم السابق، فتعتد بأربعة أشهر وعَشْرٍ وبعدها بثلاثة أقراء؛ لتبرأ ذمتها عن العدتين بيقين، ولو لم يُعْلَمْ موتهما حتى مَضَت أربعةُ أشهرٍ وعَشْرٌ، وثلاثة أقراء بَعْدها، فقد انقضت العدَّتان، ولو كانَتْ حاملاً من الثاني، فتعتد منْه بالوضع، ثم تعْتدُّ عن الأول عدَّة الوفاة، وأصحُّ الوجْهَيْن: أنه يُحْسَب منها زمان النفاس؛ لأنه ليس من عدَّة الثاني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015