أحدها عن أبويْ عليِّ بن أبي هريرة والطبريِّ: أن الجواب كذلك؛ لأن الحاكم إنما حكم بوفاته، وأمرها بِعِدَّةِ الوفاة؛ باجتهاده، فإذا بان حيَّا، تيقن الخطأ في اجتهاده، فينقضه كما لو حكم باجتهاده، ثم وجد نصًّا بخلافه، وهذا أصحُّ عند القاضي الرُّويانيِّ.
والثاني عن أبي إسحاق: أنه يبني الحُكْم على الخلاف في أن الحُكْم بالفرقة يَنْفُذ ظاهراً وباطناً أو يقتصر النفوذ على الظاهر؟ إن قلنا بالأول، فقد ارتفع نكَاحُ المَفْقُودِ، كما في الفسخ بالإعسار والعُنَّة، وإن نكحت غيره، فهي زوجته، وإن قلنا بالثاني، فالحكم كما ذكرنا في الجديد.
والثالث عن الداركيِّ قال: سمعت أبا إسحاق مرَّةً أخْرَى يقول: إن ظهر، وقد نكحت زوجاً غيره، لم تُرَدَّ إليه، فإن لم تَنْكِحْ غَيْرَه، رُدَّت إليه، وإن حَكَم المحاكم بالفُرْقة؛ لأن المقصود من هذه الفرقة إزالةُ الضرر عنها وتمكِينُها من نكاح غيره، فإذا لم يَحْصُل مقْصُود الفرقة، كان الأوَّل أولَى.
والرابع: القطع بأنها لا تُرَدُّ إلى الأول، ويُحْكَى ذلك عن "الحاوي".
والخامس: عن الكرابيسيِّ عن الشافعيِّ -رضي الله عنه-: أن المفقود الخيار بيْن أن ينزعها من الثاني، وبيْن أن يتركها، ويأخذ مهر المثل منه، وبِهذَا قال مالك وأحمد - رحمهما الله- وينسب إلى حكايته الشخَيْن أبي محمَّد والصيدلانىِّ؛ ومسْتَنَدُهُ أن عمر -رضي الله عنه (?) - كذلك قَضَى، وعن القاضي الحُسَيْن زيادةٌ فيه؛ وهو أنه إن فَسَخ، غُرِّمَ للثاني مهْرَ مثلها.
والسادس: أن ذلك النكاح قد ارتفع بما جَرَى بلا خلاف، ولكن إذا ظهر المفقود، هل يُحْكَم ببطلان النكاح الثَّاني؟ فيه وجهان:
أظهرهما: المنع لكن للمفقود الخيارُ كما ذكَرْنا، وإذا قلنا ببطلان النكاح الثَّاني، فكيف التقدير أنقولُ: وقع صحيحاً، ثم إذا ظهر المفْقود، بَطَل أو نقول: نتبين بظهور المفقود أنه وقع باطلًا؟ ذُكِرَ فيه وجهان؛ فعلى الثاني، يجب مهْر المثل، إن جرى دخولٌ، وإلا، لم يجب شيْءٌ، وعلى الأول، الواجبُ: المسمَّى أو نصْفُه، وإذا ظهر المفقود، وقد ماتت المرأة بعْد ما نكحت زوجاً آخَرَ، يرثها الأول أو الثاني؟ فيخرج على هذه الطرق.
ومنها: لو نكحت زوجةُ المفقودِ غيره عَلَى الصورة المجوَّزة في القديم، وأتت