وأظهرهما: يجب كما إذا وجد الماء قبل تمام التيمم يبطُل تيممه وإن كان ذلك بعد قراءة البدل، وبعد الركوع فلا يجوز الركوع، وقد مضت تلك الركعة على الصحة، وإن كان بعد القراءة وقبل الركوع فوجهان:
أحدهما: عليه قراءة الفاتحة؛ لأن محل القراءة باقٍ، وقد قدر عليها.
وأظهرهما: لا يجب؛ لأن البدل قد تم، وتأدى الفرض به، وأشبه ما لو أتى المكفر بالبدل ثم قدر على الأصل، أو صلى بالتيمم، ثم قدر على الوضوء، ويجوز أن يعلم قوله: "لزمه قراءتها" بالواو؛ لأن قوله: "قبل قراءة البدل" يتناول ما إذا لم يشرع في البدل أصلاً ما إذا شرع، لكن لم يتمه حتى تعلم الفاتحة، وقد ذكرنا في الصورة الثانية وجهين، ويجوز أن يعلم قوله: (فوجهان) في الصورة الأخيرة أيضاً؛ لأن صاحب "البيان" ذكر طريقًا آخر أنه لا يجب قراءة الفاتحة وجهاً واحداً.
قال الغزالي: ثُمَّ بَعْدَ الفَاتِحَةِ سُنَّتَانِ: (إِحْدَاهُمَا): التَّأْمِينُ مَعَ تَخْفِيفِ الميم مَمْدُودَة أَوْ مَقْصُورَةً، وَفِي جَهْرِ الإمَامِ بِهِ خِلاَفٌ، وَالأظْهَرُ الجَهْرُ، وَلْيؤَمِّنِ المَأْمُومُ مَعَ تَأْمِينِ الإمَامِ لاَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ.
قال الرافعي: بينا أن لركن القراءة سنتين لاحقتين، فاشتغل بذكرهما حين فرغ من أحكام الفاتحة.
إحداهما: التأمين، فيستحب لكُلِّ من قرأ الفاتحة خارج الصلاة، أو في الصلاة، أن يقول عقيب الفراغ منها: "آمين". ثبت ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعنى الكلمة، ليكن كذلك، وفيها لغتان: القصر، والمد، والميم مخففة في الحالتين، وينبغي أن يفصل بينها وبين قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} بسكتة لطيفة؛ تمييزًا بين القرآن وغيره، ويستوي في اَستحبابها الإمام والمأموم والمنفرد، ويجهر بها الإمام والمنفرد في صلاة الجهر تبعاً للقراءة، وقد روي عن وائل بن حُجْر قال: "صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا قَالَ: {وَلَا الضَّالِّينَ}. قَالَ: آمِينَ وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ" (?).
وأما المأموم فقد نقل عن القديم أنه يؤمن جهراً أيضاً، وعن الجديد أنه لا يجهر، واختلف الأصحاب فقال الأكثرون في المسألة قولان:
أحدهما: أنه لا يجهر [كما لا يجهر بالتكبيرات وإن كان الإمام يجهر بها].
وأصحهما: وبه قال أحمد: أنه يجهر] (?) لما روي عن عطاء قال: "كُنْتُ أَسْمَعُ