قال الرافعي: أصل المسألة: أن من يحسن بعض الفاتحة دون بعض يكرره، أو يأتي به ويبدل الباقي؟ فيه وجهان: وقيل: قولان:
أحدهما: أنه يكرر ما يحسنه قدر الفاتحة، ولا يعدل إلى غيره؛ لأن بعضها أقرب إلى الباق من غيرها، فصار كما إذا أحسن غيرها من القرآن لا يعدل إلى الذكر.
وأصحهما: أنه يأتي به، ويبدل الباقي؛ لأن الشيء الواحد لا يكون أصلاً وبدلاً، ويدل عليه "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ ذلِكَ السَّائِلَ بِالْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ"، ومنها: "الْحَمْدُ للهِ"، وهذه الكلمة من جملة الفاتحة، ولم يأمره بتكريرها، وهذا الخلاف فيما إذا كان يحسن للباقي بدلاً أما إذا لم يحسن إلا ذلك البعض فيكرره بلا خلاف.
إذا تقرر ذلك فلو أحسن النصف الثاني دون الأول فقد قال في الكتاب: يأتي بالذكر بدلاً عن النصف الأول، ثم يأتي بالنصف الثاني، وهذا جواب على الوجه الأصح، ويجب أن يقدم البدل للنصف الأول على قراءة النصف الثاني رعايةً للترتيب، كما يجب الترتيب في أركان الصلاة وفي كلمات الفاتحة. وحكى في "التهذيب" وجهاً أنه لا يشترط الترتيب بين البدل والأصل، وكيف ما قرأ جاز.
وأما إذا فرعنا على الوجه الأول وهو أنه يكرر القدر الذي يحسنه، فلا يأتي في هذه الصورة للنصف الأول ببدل، بل يكرر النصف الأخير، وليعلم هذا الوجه قوله: (أتى بالذكر بدلاً عنه) بالواو، وكذا قوله: (ثم يأتي بالنصف الأخير)؛ لأن كلمة ثم للترتيب، وقد ذكرنا وجهاً أنه لا يجب الترتيب، ولو كان الأمر بالعكس فكأن يحسن النصف الأول دون الثاني، فعلى الوجه الأول: يكرره، وعلى الأصح، يأتي بالنصف الأول، ثم [يأتي] (?) بالذكر بدلاً عن الثاني.
قال الغزالي: فَإِنْ تَعَلَّمَ قَبْلَ قِرَاءَةِ البَدَلِ لَزِمَتْهُ قِرَاءَتُهَا، وإنْ كَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَلاَ، وإنْ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَ الفَرَاغِ فَوَجْهَانِ.
قال الرافعي: جميع ما سبق فيما إذا استمر العجز عن القراءة في الصلاة، فأما إذا تعلم الفاتحة في أثنائها، أو لقنه إنسان، أو أحضر مصحف، وتمكن من القراءة منه فينظر، إن اتفق ذلك قبل الشروع في قراءة البدل، فعليه أن يقرأ الفاتحة، وإن كان في خلال قراءة البدل مثل أن أتى بنصف الأذكار ثم قدر على قراءة الفاتحة فعليه قراءة النصف الأخير، وفي الأول وجهان:
أحدهما: لا يجب، كما إذا شرع في صوم الشهرين، ثم قدر على الإعتاق، لا يلزمه العدول إلى الإعتاق.