وذلك يترتب عليه فإن كان الثاني، فلم يتكلم الأكثرون في الاغْتِرَافِ والاستعمال نفياً وإثباتاً؟ واشتهرت المسألة بالتباعد وَهَلاَّ تَكَلَّمُوا فِي الطَّهَارَةِ والنجاسة على المعهود في نظائره، ثم يتفرع عليه جواز الاستعمال وعدمه، وإن كان الأول فِيِمَ يوجه المنع من الاسْتِعْمَالِ مَعَ الحُكْم بالطهارة؟ ولم يتكلم بعضهم في النجاسة ونفيها، وفرض فيها الخلاف؟ وهل هما طريقتان؟ وهذا موضع نظر وتأمل، ويدل على الاحتمال الأول أخبار القُلَّتَيْنِ، فإنها تنفي نجاسة الماء الكثير، وأيضاً فقد صرح بعض المُعَلِّقِينَ عن الشيخ أبي محمد، بأنه لا خلاف في الطهارة، وإنما الخلاف في جواز الاستعمال (?).

وأما لفظ الكتاب فاعلم أن قضية كلامه في وُجُوب اجتِنَابِ الحَرِيمِ في الفصل الثالث يقتضي أن يكون مراده من قوله هاهنا يجوز الاغتراف من جوارها على القول القديم ما وراء الحريم، وإلا أن المَذهَبَ أنَّ حُكمَ الحريم حكم غيره [كما سيأتي] (?).

قال الغزالي: الرَّابعُ- كُوزٌ فِيهِ مَاءٌ نَجِسٌ غَيرُ مُتَغَيِّر طَرِيقَ (?) تَطْهِيرِهِ أَنْ يُغْمَسَ في مَاءٍ كثِيرٍ فَإِذَا اسْتَوَى عَلَيْهِ المَاءُ صَارَ طَهُوراً لِلاتِّصَالِ بِهِ.

قال الرافعي: إذا غُمِسَ كُوزٌ فيه ماء نجس في ماء طاهر هل يعود طهوراً؟ إن كان الكُوزُ ضَيِّق الرَّأسِ فوجهان: أحدهما: نعم، لحصول الكثرة والاتصال، وأصحهما: لا؛ لأنه لا يحصل به اتصال يفيد تأثير أحدهما في الآخر؛ لأنَّ مَاءَ الكُوزِ كالمودع بطرفيه فيه، وليس معدوداً جزءاً منه، وإن كان واسع الرأس، فعلى هذين الوجهين لكن الأظهر هاهنا الطهارة، لتأثر كل واحد منهما بالآخر عند سَعَةِ رَأْسِ الإِنَاءِ، وحيث يحكم بعود الطهارة فتعود على الفور أم بعد أن تمكث زماناً؟

فيه وجهان: أظهرهما: لا تعود على الفَورِ؛ بل لا بد من مضي زمان يزول فيه التغير، لو كان متغيرًا، ولاَ شَكَّ أن ذلك الزمان يكون في ضيق الرأس أطول منه في واسعه (?). وإذا عرفت ذلك فعد إلى ألفاظ الكتاب، وأعلم قوله: "صار طهورا" بالواو،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015