إحداهما: لو ارتدَّ الزَّوْج بعْد الدخول، وقَذَفها، وعاد إلى الإِسْلام في مدَّة العِدَّة فالنكاح دائمٌ، وله اللِّعَانُ، وإن لاَعَن في الرِّدَّة ثم عاد إلى الإِسلام في مدة العدة، كان اللِّعان واقعًا في صُلْب النكاح، فيقع موقعه، كما لو طَلَّقها في الردة، ثم عاد إلى الإسْلام قبْل انقضاء العدَّة، والكُفْر لا يمنع نفوذ اللِّعان، ألاَ ترى أن الذميَّ يلاعن، وإن أصر حتى انقضت العدة تبين وقوعه في حال البينونة، فإن كان هناك ولدٌ ونفاه باللِّعان فهو نافذ، وإلا، فقد تبيَّن فسادُهُ، وفي اندفاع حَدِّ القذف به وجْهانِ، سيأتي ذكرهما في نظيرها.

والأصَحُّ، وبه أجاب ابن الحدَّاد: أنه لا يَنْدَفع، وعن الشيخ أبي محمَّد -رحمه الله- بناءُ هذا الخلاف على تردُّد ذُكِرَ؛ في أن الجارية في العِدَّة لتبديل الدين، سبيلها إذا تبيَّن ارتفاع النكاح سبيلُ الرجْعِيَّات أو سبيل العائنات، وقضية هذا البناء أن يقال: هل يتبين فساد اللعان، وترتد أحكامُه؟ فيه خلاف، ولا تقصر النظر على أنه، هل يندفع به الحَدُّ؟ قال الإِمام -قدس الله روحه-: قد أطلقوا له اللِّعان في حال الرِّدَّة مع إحتمال الإضرار، وكان يَجُوز أن يُوقَف أمر اللعان إلى أن يعود إلى الإِسلام أو يُصرَّ.

الثانية: إذا وطئ امرأةً في نكاح فَاسِدٍ أو بشبهة؛ بأن ظنَّها زوجته أو أمته، ثم قذفها، وأراد اللِّعان، فإن كان هناك ولد؛ فله اللعان، خلافاً لأبي حنيفة.

لنا أنه نسبٌ لاحقٌ، لا بملك اليمين، فكان له نفْيُه باللِّعان، كما في النكاح الصحيح، وإذا لاَعَنَ؛ لنفي الولد، انقطع نسبه، ويسقط حد القذف تَبَعًا؛ لأن اللعان حُجَّةٌ يثْبُت بها الزِّنا، فكيف تقبل الحجة في نفي النَّسَب، وتوجب الحَدّ معه؟ وفي أمالي أبي الفرج السرخسي -رحمه الله- في نظر المسألة وجْه أنه لا يَسْقُط؛ لأن اللعان إنما يُؤَثِّر في إسْقَاط الحد، إذا لَطَّخَتْ فراشه، واحتاج إلى الدَّفْع عن نفسه والإنتقام منْها، فهي حجة ضرورية، ولم يوجدْها هنا تلْطيخُ فراشٍ، وكان يمكنه أن يقتصر على أن الوَلَد ليس مني، ولا يقذفها، والأول هو الصحيح والمذكور في الكتاب.

وهل يتعلَّق تَأَبُّد الحرمة بلعانها فيه وجهان، أحدها: لا، وبه قال ابن الحدَّاد -رحمه الله-؛ لأنه لعانٌ لا يؤثر في التحريم وقطع النكاح، فلا يؤثر في تأبيد الحرمة (?) الذي هو كالفرع والوصف له.

وأصحهما (?): نعم؛ لإطلاق الخَبَر، وهو ما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- (?) قال: "المُتَلاَعِنَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015